للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٦٤ - تطاوَلَ ليلُكَ بالإِثمِدِ ... وبات الخَليُّ ولم تَرْقُدِ

وباتَ وباتَتْ له ليلَةٌ ... كليلة ذي العائِرِ الأرْمَدِ

وذلك من نبأٍ جاءني ... وخُبِّرْتُه عن أَبِي الأسودِ

وقد خَطَّأ بعضُهم الزمخشري في جَعْلِه هذا ثلاثة التفاتات، وقال: بل هما التفاتان، أحدهما خروجٌ من الخطابِ المفتتحِ به في قوله: «ليلُك» إلى الغيبة في قوله: «وباتَتْ له ليلةٌ» ، والثاني: الخروجُ من هذه الغيبةِ إلى التكلم في قوله: «من نبأٍ جاءني وخُبِّرْتُه» . والجواب أن قوله أولاً: «تطاول ليلُك» فيه التفاتٌ، لأنه كان أصلُ الكلامِ أن يقولَ: تطاول ليلي، لأنه هو المقصودُ، فالتفت من مَقام التكلمِ إلى مقامِ الخطابِ، ثم من الخطابِ إلى الغَيْبَةِ، ثم من الغَيْبة إلى التكلمِ الذي هُوَ الأصلُ.

وقُرئ شاذاً: «إِيَّاكَ يُعْبَدُ» على بنائِه للمفعول الغائبِ، ووجهُها على إشكالها: أنَّ فيها استعارةً والتفاتاً، أمّا الاستعارةُ فإنه استُعير فيها ضميرُ النصب لضمير الرفع، والأصل: أنت تُعْبَدُ، وهو شائعٌ كقولهم: عساك وعساه وعساني في أحد الأقوال، وقول الآخر:

٦٥ - يابنَ الزُّبير طالما عَصَيْكا ... وطالَمَا عَنِّيْتَنَا إِلَيكا

فالكاف في «عَصَيْكا» نائِبةٌ عن التاء، والأصل: عَصَيْتَ. وأمَّا الالتفاتُ فكان من حقِّ هذا القارئ أن يقرأ: إياك تُعْبَدُ بالخطابِ، ولكنه التفتَ من الخطاب في «إيَّاك» إلى الغيبة في «يُعْبَدُ» ، إلا أنَّ هذا التفاتٌ غريب، لكونه في

<<  <  ج: ص:  >  >>