نَشَأَتْ عن التحديث، اللهم إلا أَنْ يُقالَ: تَتَعَلَّقُ به على أنها لامُ العاقبة، وهو قولٌ قيل بهِ فصارَ المعنى أنَّ عاقبةَ الفتحِ ومَآلَة صارَ إلى أَنْ حاجُّوكم، أو تقول: إنَّ اللام لامُ العِلَّة على بابِها، وإنَما تَعَلَّقَتْ بفَتْحِ لأنه سببٌ للتحديث، والسَّبَبُ والمُسَبَّبُ في هذا واحدٌ. قوله:«به» الضميرُ يعودُ على «ما» من قوله: {بِمَا فَتَحَ الله} وقد تقدَّم أنه يضعفُ القولُ بكونِها مصدريةً، وأنه يجوز أن يعود على أحدِ المصدَرَيْنِ المفهومين من «أَتُحَدِّثُونهم» و «فتح» .
قوله:{عِنْدَ رَبِّكُمْ} ظرفٌ معمولٌ لقولِه: {لِيُحَآجُّوكُم} بمعنى لِيحاجُّوكم يومَ القيامة، فًَكَنَى عنه بقوله:{عِنْدَ رَبِّكُمْ} ، وقيل:«عندَ» بمعنى في، أي: ليحاجُّوكم في ربكم، أي: فيكونون أَحَقَّ به منكم. وقيل: ثَمَّ مضَافٌ محذوفٌ أي: عند ذِكْرِ ربِّكم، وقيل: هو معمولٌ لقولِه: {بِمَا فَتَحَ الله} أي بما فتح اللهُ مِنْ ربكم ليحاجُّوكم، وهو نَعْتُه عليه السلام وأَخْذُ ميثاقِهم بتصديقِه. ورجَّحه بعضُهم وقال:«هو الصحيح، لأنَّ الاحتجاجَ عليهم هو بما كانَ في الدنيا» وفي هذا نظرٌ مِنْ جهةِ الصناعة، وذلك أنَّ {لِيُحَآجُّوكُم} متعلقٌ بقوله: {أَتُحَدِّثُونَهُم} على الأظهرِ كما تقدَّم فيلزَمُ الفَصْلُ به بين العاملِ وهو فَتَح وبين معمولِه وهو عند ربك وذلك لا يجوزُ لأنه أجنبيٌّ منهما.
قوله:{أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} تقدَّم الكلامُ على نظيرَتِها. وفي هذه الجملةِ قولان: أحدُهما [أنها] مندرجَةٌ في حَيِّز القولِ. والثاني أنها من خطابِ الله تعالى للمؤمنين بذلك فَمَحَلُّها النصبُ على الأولِ ولا محلَّ لها على الثاني، ومفعولُ {تَعْقِلُونَ} يجوزُ أن يكونَ مراداً ويجوزُ ألاَّ يكونَ.