قوله:{يَعْصِرُونَ} قرأ الأخوان» تَعْصِرون «بالخطاب، والباقون بياء الغيبة، وهما واضحتان، لتقدُّم مخاطبٍ وغائب، فكلُّ قراءةٍ تَرْجِعُ إلى ما يليق به. و» يَعْصِرون «يحتمل أوجهاً، أظهرُها: أنه مِنْ عَصَرَ العِنَبَ أو الزيتون أو نحو ذلك. والثاني: أنه مِنْ عَصَر الضَّرْع إذا حَلَبَه. والثالث: أنه من العُصْرة وهي النجاة، والعَصَر: المَنْجى. وقال أبو زبيد في عثمان رضي اللَّه عنه:
٢٨٠٠ - صادِياً يَسْتغيث غيرَ مُغَاثٍ ... ولقد كان عُصْرَة المَنْجودِ
وقرأ جعفر بن محمد والأعرج:» يُعْصَرون «بالياء من تحت، وعيسى البصرة بالتاء من فوق، وهو في كلتا القراءتين مبنيٌّ للمفعول. وفي هاتين القراءتين تأويلان، أحدهما: أنها مِنْ عَصَره، إذا أنجاه، قال الزمخشري:» وهو مطابِقٌ للإِغاثة «. والثاني: قاله قطرب أنها من الإِعصار، وهو إمطار السحابة الماءَ كقولِه:{وَأَنزَلْنَا مِنَ المعصرات}[النبأ: ١٤] . قال الزمخشري:» وقرىء «يُعْصَرون» : يُمْطَرون مِنْ أَعْصَرَتِ السَّحابة، وفيه وجهان: إمَّا أن يُضَمَّن أَعْصَرت معنى مُطِرَتْ فيُعَدَّى تعديتَه، وإمَّا أن يقال: الأصل: أُعْصِرَتْ