وقال أبو شامة بعد أن ذكر هذه الكلماتِ الخمسَ التي وقع فيها الخلافُ:» وكذلك رُسِمَتْ في المصحف «يعني كما قرأها البزي، يعني بألفٍ مكان الياء وبياء مكان الهمزة. وقال أبو عبد اللَّه:» واختلفَتْ هذه الكلمات في الرسم فَرُسِمَ «يابَس»«ولا تايَسُوا» بالألف، ورُسِم الباقي بغير ألف «قلت: وهذا هو الصوابُ، وكأنها غَفْلَةٌ حَصَلَتْ من أبي شامة رحمه اللَّه.
قوله:{نَجِيَّاً} حال مِنْ فاعل» خَلَصوا «أي: اعتزلوا في هذه الحالِ، وإنما أُفْرِدَت الحالُ وصاحبُها جَمْعٌ: إمَّا لأنَّ النَّجِيَّ فَعِيل بمعنى مُفاعِل كالعشير والخليط بمعنى المُخالطِ والمُعاشِر، كقوله:{وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً}[مريم: ٥٢] أي: مُناجِياً، وهذا في الاستعمال يُفْرَدُ مطلقاً، يقال: هم خليطُكَ وعَشيرُكَ أي: مُخالِطوك ومُعاشِروك، وإمَّا لأنَّه صفةٌ على فَعِيل بمنزلة صَديق، وصديق وبابُه يُوحَّدُ لأنه بزِنَةِ المصادر كالصَّهيل والوَجيب والذَّمِيل، وإمَّا لأنه مصدر بمعنى التناجي كما قيل: النجوى بمعناه، قال تعالى:{وَإِذْ هُمْ نجوى}[الإسراء: ٤٧] ، وحينئذ يكون فيه التأويلاتُ المذكورةُ في» رجل عَدْل «وبابه، ويُجمع على» أَنْجيَة «، وكان مِنْ حَقِّه إذا جُعِل وصفاً أن يُجْمع على أفْعِلاء كغَنِيّ وأَغْنِياء وشَقِيّ وأَشْقِياء. ومِنْ مجيئه على أَنْجية قولُ الشاعر: