بحذفها تعيَّن أن يكونَ جزاءً له، فقد وقَع اللَّبْسُ بثبوت حرف العلة وفُقِد بحَذْفِه، فيقال: حرفُ العلةُ يُحذف عند الجازم لا به. ومذهب ابن السَّراج أن الجازم أَثرَّ في نفسِ الحرف فحذفه، وفيه البحث المتقدم.
الثاني: أنه مرفوعٌ غير مجزومٍ، و» مَنْ «موصولةٌ والفعل صلتُها، فلذلك لم يَحْذف لامَه. واعْتُرِض على هذا بأنه قد عُطِف عليه مجزومٌ وهو قولُه» ويَصْبِرْ «فإنَّ قنبلاً لم يَقْرأه إلا ساكنَ الراء.
وأجيب عن ذلك بأنَّ التسكين لتوالي الحركات. وإنْ كان من كلمتين كقراءة أبي عمرو:{يَنصُرْكُمُ}[آل عمران: ١٦٠]{يَأْمُرُكُمْ}[البقرة: ٦٧] . وأُجيب أيضاً بأنه جُزِم على التوهُّم، يعني لَمَّا كانت «مَنْ» الموصولةُ تُشْبه «مَنْ» الشرطية. وهذه عبارةٌ فيها غَلَطٌ على القرآن فينبغي أن يُقال: فيها مراعاةٌ للشبه اللفظي، ولا يقال للتوهُّم. وأجيب أيضاً بأنه سُكِّن للوقف ثم أُجري الوصلُ مجرى الوقفِ. وأُجيب أيضاً بأنه إنما جُزم حملاً ل «مَنْ» الموصولة على «مَنْ» الشرطية؛ لأنها مثلُها في المعنى ولذلك دَخَلَتِ الفاءُ في خبرها.
قلت: وقد يُقال على هذا: يجوز أن تكونَ «مَنْ» شرطيةً، وإنما ثَبَتَت الياءُ، ولم تَجْزِمْ «مَنْ» لشببها ب «مَنْ» الموصولة، ثم لم يُعْتبر هذا الشبهُ في قوله «ويَصْبر» فلذلك جَزَمَه إلا أنه يَبْعُدُ مِنْ جهة أنَّ العامل لم يؤثِّر فيما بعده، ويليه ويؤثرِّ فيما هو بعيدٌ منه. وقد تقدَّم الكلامُ على مثل هذه المسألة أولَ السورة في قوله {يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ}[يوسف: ١٢] .
وقوله {فَإِنَّ الله لاَ يُضِيعُ} الرابطُ بين جملة الشرط وبين جوابها: