أبو البقاء:«وهو بمعنى جَعَلْتُم المتعدية لواحد» ، ولا حاجةَ إلى جَعْلِها بمعنى «جَعَل» في تعدِّيها لواحد، بل المعنى: هل أَخَذْتُم مِنَ اللهَ عَهْداً، ويُحتملُ أَنْ تتعدى لاثنين، والأولُ «عهد» ، والثاني «عند الله» مقدَّماً عليه، فعلى الأولِ يتعلَّقُ «عند الله» باتَّخَذْتُمْ، وعلى الثاني يتعلَّقُ بمحذوفٍ. ويجوزُ نَقْلُ حركةِ همزةِ الاستفهامِ إلى لام «قُلْ» قبلَها فَتُفْتَحُ وتُحْذَفُ الهمزةُ وهي لغةٌ مطَّرِدَةٌ قرأَ بها نافع في روايةِ ورش عنه.
قوله:{فَلَنْ يُخْلِفَ الله} هذا جوابُ الاستفهامِ المتقدِّمِ في قوله: {أَتَّخَذْتُمْ} وهل هذا بطريقِ تضمينِ الاستفهامِ معنى الشرطِ، أو بطريقِ إضمار الشرطِ بعدَ الاستفهامِ وأخواتِهِ؟ قولان، تقدَّم تحقيقُهما. واختار الزمخشري القولَ الثاني، فإنه قال:{فَلَنْ يُخْلِفَ} متعلِّقٌ بمحذوفٍ تقديرُه: إن اتَّخَذْتُمْ عندَ الله عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عهدَه «. وقال ابنُ عطية:» فلن يُخْلِف اللهُ عهدَه: اعتراضٌ بين أثناءِ الكلامِ. كأنه يَعْني بذلك أنَّ قولَه:«أم تَقُولون» مُعادِلٌ لقولِه: «أَتَّخَذتم» فَوَقَعَتْ هذه الجملةُ بين المتعادِلَيْنِ معترضةً، والتقديرُ: أيُّ هذين واقعٌ؟ اتِّخاذِكم العهدَ أم قولِكم بغيرِ علمٍ، فعلى هذا لا محلَّ لها من الإِعراب، وعلى الأول محلُّها الجَزْمُ.
قوله:{أَمْ تَقُولُونَ} أمْ «هذه يجوزُ فيها وجهانِ، أحدُهما: أَنْ تكونَ متصلةً فتكونَ للمعادلةِ بين الشيئين، أي: أيُّ هذين واقعٌ، وأَخْرَجَهَ مُخْرَجَ المتردِّدِ فيه، وإنْ [كان] قد عُلِم وقوعُ أحدِهما، وهو قولُهم على اللهِ