وحَكَوا عن العرب:«مُرْهُ يَحْفِرَها» أي: بِأَنْ يَحْفِرَها، والتقديرُ: عن أَنْ أَحْضُرَ، وبأَنْ يَحْفِرَها، وفيه نظرٌ، فإنَّ إضمارَ «أَنْ» لا ينقاسُ، إنَّما يجوزُ في مواضعَ عَدَّها النَّحْويون وجَعَلُوا ما سِواها شاذاً قليلاً، وهو الصحيحُ خلافاً للكوفيين. وإذا حُذِفَتْ «أَنْ» فالصحيحُ جوازُ النصبِ والرفعِ، ورُوي:«مُرْه يَحْفِرها» ، وأَحْضُر الوغى «بالوجهين، وهذا رأيُ المبرد والكوفيين خلافاً لأبي الحسن حيث التزم رفعَه. وللبحثِ موضعٌ غيرُ هذا هو أَلْيَقُ به. وأيَّد الزمخشري هذا الوجهَ الرابعَ بقراءةِ عبد الله:» لاَ تَعْبُدوا «على النهي. الخامس: أَنْ يكونَ في محلِّ نصبٍ بالقولِ المحذوفِ، وذلك القولُ حالٌ تقديره: قائلين لهم لا تعبدون إلا اللهَ، ويكونُ خبراً في معنى النهي ويؤيِّده قراءةُ أُبَيّ المتقدمة، وبهذا يَتَّضح عطفُ» وقولوا «عليه، وبه قال الفراء. السادس: أَنَّ» أَنْ «الناصبة مضمرةٌ كما تقدَّم، ولكنها هي وما في حَيِّزها في محلِّ نصب على أنها بدلٌ من» ميثاق «، وهذا قريبٌ من القولِ الأول من حيثُ إنَّ هذه الجملة مفسِّرةٌ للميثاق، وفيه النظرُ المتقدم، أعني حَذْفَ» أَنْ «في غيرِ المواضِع المَقِيسة. السابعُ: أَنْ يكونَ منصوباً بقولٍ محذوفٍ، وذلك القولُ ليس حالاً، بل مجرَّدُ إخبارٍ، والتقديرُ: وقُلْنا لهم ذلك، ويكونُ خبراً في معنى النهي. قاله الزمخشري:» كما تقولُ: تذهَبُ إلى فلانٍ تقولُ له كذا، تريدُ الأمر، وهو أَبْلَغُ من صريحِ الأمر والنهي، لأنَّه كأنه سُورع إلى الامتثالِ