أي: فَرَدَّ الكفارُ أيديَهم في أفواههم من الغيظ. و «في» على بابِها من الظرفية، أو فَرَدُّوا أيديَهم على أفواههم ضحكاً واستهزاءً. ف «في» بمعنى على، أو أشاروا بأيديهم إلى ألسنتهم وما نطقوا به من قولِهم: إنَّا كَفَرْنا، فهي بمعنى إلى. ويجوز أن يكونَ المرفوعُ للكفار والآخران للرسل، على أن يُراد بالأيدي النِّعَم، أي: رَدُّوا نِعَمَ الرُّسُل وهي نصائحُهم في أفواهِ الرسل، لأنهم إذا كَذَّبوها كأنهم رَجَعوا بها من حيث جاءَتْ على سبيل المثل. [ويجوز أن يُراد هذا المعنى، والمرادُ بالأيدي الجوارح] . ويجوز أن يكون الأوَّلان للكفار، والأخيرُ للرسُل، أي: فَرَدَّ الكفارُ أيديَهم في أفواهِ الرسُل، أي: أطبِقُوا أفواهَكم، يشيرون إليهم بالسكوت، أو وَضَعُوها على أفواههم يمنعونهم بذلك من الكلامِ.
وقيل:«في» هنا بمعنى الباء. قال الفراء:«قد وَجَدْنَا من العرب مَنْ يجعل» في «موضعَ الباء. يُقال: أَدْخَلَكَ بالجنَّة، وفي الجنَّة، وأنشَد:
٢٨٦ - ٩- وأرغَبُ فيها عن لَقيطٍ ورَهْطِهِ ... ولكنَّني عن سِنْبِسٍ لستُ أرغبُ
أي: أرغب بها. وقال أبو عبيدةَ:» هذا ضَرْبُ مَثَلٍ، تقول العرب:«رَدَّ يَدَه في فيه» ، إذا أمسكَ عن الجوابِ «، وقاله الأخفش أيضاً. وقال