وقد اضطرب النقلُ عن الفراء في هذه المسألةِ كما رأيْتَ «مِنْ نَقْلِ بعضِهم عنه التخطئةَ مرةً، والتصويبَ أخرى، ولعل الأمرَ كذلك، فإنَّ العلماءَ يُسأَلُونَ فيُجيبون بما يَحْضُرهم حالَ السؤالِ وهي محتلفةٌ.
التوجيهُ الثالث: أنَّ الكسرَ للإِتباع لِما بعدها، وهو كسرُ الهمزِ من» إنِّي «كقراءةِ» الحمدِ لله «، وقولهم» بِعِير وشِعِير وشِهيد، بكسر أوائِلها إتباعاً لما بعدها، وهو ضعيفٌ جداً.
التوجيه الرابع: أنَّ المسوِّغ لهذا الكسرِ في الياء وإن كان مستثقلاً أنَّها لَمَّا أُدْغِمَتْ فيها التي قبلها قَوِيَتْ بالإِدغام، فأشبهتِ الحروفَ الصِّحاحَ فاحتملتِ الكسرَ؛ لأنه إنما يُسْتَثْقَلُ فيها إذا خَفَّتْ وانكسر ما قبلها، ألا ترى أن حركاتِ الإِعرابِ تجري على المشدِّدِ وما ذاك إلاَّ لإِلحاقِه بالحروفِ الصِّحاح.
والمُصْرِخُ: المُغِيْث يُقال: اسْتَصْرَخْتُه فَأَصْرَخَني، أي: أعانني، وكأنَّ همزتَه للسَّلْب، أي: أزال صُراخي. والصَّارخ هو المستغيثُ. قال الشاعر:
٢٨٨ - ٤- ولا تَجْزَعوا إني لكمْ غيرُ مُصْرِخٍ ... وليس لكم عندي غَناءٌ ولا نَصْرُ
ويُقال: صَرَخَ يَصْرُخُ صَرْخاً وصُراخاً وصَرْخَة. قال: