للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والوجه الثاني: أن تكونَ لغيرِ التفضيل، بل بمعنى حَسَنة نحو كُبْرى في معنى كبيرة، أي: وقولوا للناسِ مقالَةً حَسَنة، كما قالوا: «يوسفُ أَحْسَنُ إخوتِه» في معنى حَسَن إخوتِه «انتهى. وقد عُلِم بهذا فسادُ قولِ النحاس.

وأمَّا مَنْ قرأ» إحساناً «فهو مصدرٌ وَقَع صفةً لمصدرٍ محذوف أي قولاً إحساناً، وفيه التأويلُ المشهورُ، وإحساناً مصدرٌ من أَحْسَن الذي همزتُه للصيرورةِ أي قولاً ذا حُسْنٍ، كما تقولُ:» أَعْشَبَتِ الأرضُ «أي: صارت ذا عشبٍ. وقوله: {وَأَقِيمُواْ الصلاة وَآتُواْ الزكاة} [البقرة: ٤٣] تقدَّم نظيره.

قوله: {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً} قال الزمخشري:» على طريقةِ الالتفات «وهذا الذي قاله إنما يَجيءُ على قراءةِ» لا يَعْبدون «بالغيبة، وأمَّا على قراءةِ الخطابِ فلا التفاتَ البتةَ، ويجوزُ أن يكونَ أرادَ بالالتفاتِ الخروجَ مِنْ خطابِ بني إسرائيل القدماءِ إلى خطابِ الحاضرين في زمنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد قيل بذلك، ويؤيِّده قولُه تعالى: {إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْكُمْ} قيل: يعني بهم الذي أسْلموا في زمانِه عليه السلام كعبدِ الله بن سَلاَّم وأضرابه، فيكونُ التفاتاً على القراءَتين. والمشهورُ نَصْبُ» قليلاً «على الاستثناء لأنه مِنْ/ موجب. ورُوِي عن أبي عمرو وغيره:» إلا قليلٌ «بالرفع.

وفيه ستةُ أقوال، أصحُّها: أنَّ رفعه على الصفة بتأويل «إلا» وما بعدها بمعنى غَيْر. وقد عَقَد سيبويه رحمه الله في ذلك باباً في كتابه فقال: «هذا بابٌ ما يكونُ فيه» إلاَّ «وما بعدها وصفاً بمنزلة غير ومثل» ، وذكر من أمثلة هذا الباب: لو كان معنا إلا رجلٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>