أحدُهما: أن يكونَ المعنى: واخفِضْ لهما جناحَك كما قال:» واخفِضْ جناحَك للمؤمنين «فأضافه إلى الذُّل أو الذِّل كما أَضيف حاتمٌ إلى الجودِ على معنى: واخفِضْ لهما جناحَك الذليلَ أو الذَّلولَ. والثاني: أن تَجعلَ لذُلِّه أو لذِلِّه جناحاً خفيضاً، كما جعل لبيد للشَمال يداً وللقَرَّةِ زِماماً- في قوله:
٣٠٥ - ١- وغداةِ ريحٍ قد كَشَفْتُ وقَرَّةٍ ... إذ أصبحَتْ بيدِ الشَمال؟ ِ زِمامُها
مبالَغةً في التذلُّل والتواضع لهما» انتهى. يعني أنه عبَّر عن اللينِ بالذُّلِ، ثم استعار له جناحاً، ثم رشَّح هذه الاستعارةَ بأَنْ أمرَه بخفضِ الجَناح.
ومِنْ طريفِ ما يُحكى: أن أبا تمام لَمَّا نظَم قوله:
٣٠٥ - ٢- لا تَسْقِني ماءَ المَلام فإنني ... صَبٌّ قد اسْتَعْذَبْتَ ماء بكائي
جاءه رجلٌ بقَصْعةٍ وقال له: أَعْطني شيئاً من ماء المَلام. فقال: حتى تأتيَني بريشةٍ مِنْ جَناح الذُّلِّ «يريد أن هذا مجازُ استعارةٍ كذاك. وقال بعضهم:
٣٠٥ - ٣- أراشُوا جَناحِيْ ثم بَلُّوه بالنَّدى ... فلم أَسْتَطِعْ مِنْ أَرْضِهم طَيَرانا
وقرأ العامَّةُ» الذُّلِّ «بضم الذَّال، وابن عباس في آخرين بكسرها،