و «مكروهاً» خبر «كان» ، وحُمِل الكلامُ كلُّه على لفظِ «كل» فلذلك ذكَّر الضميرَ في «سَيِّئُهُ» ، والخبرُ وهو: مكروه.
وأمَّا قراءةُ الباقين: فتحتمل أن تقعَ الإِشارةُ فيها ب «ذلك» إلى مصدري النَّهْيَيْنِ المتقدِّمَيْن قريباً وهما: قَفْوُ ما ليس به عِلْمٌ، والمَشْيُ في الأرض مَرَحاً. والثاني: أنه أُشيرَ به إلى جميعِ ما تقدَّم مِنَ المناهي. و «سَيِّئَةً» خبرُ كان، وأُنِّثَ حَمْلاً على معنى «كُل» ، ثم قال «مَكْروهاً» حَمْلاً على لفظها.
وقال الزمخشريُّ كلاماً حسناً وهو: أنَّ «السيئة في حكمِ الأسماءِ بمنزلةِ الذَّنْبِ والإِثمِ زال عنه حكمُ الصفاتِ، فلا اعتبارَ بتأنيثِه، ولا فرقَ بين مَنْ قرأ» سَيِّئة «ومَنْ قرأ» سَيِّئاً «ألا ترى أنَّك تقولُ: الزِّنَى سيئة، كما تقول: السرقةُ سيئةٌ، فلا تُفَرِّقُ بين إسنادِها إلى مذكر ومؤنث» .
وفي نَصْبِ «مكروهاً» أربعةُ أوجهٍ، أحدُها: أنه خبرٌ ثانٍ ل «كان» ، وتعدادُ خبرِها جائزٌ على الصحيح. الثاني: أنه بدلٌ مِنْ «سيئة» . وضعِّف هذا: بأنَّ البدلَ بالمشتقِ قليلٌ. الثالث: أنه حالٌ من الضمير المستتر في {عِنْدَ رَبِّكَ} لوقوعِه صفةً ل «سَيِّئة» . الرابع: أنه نعتٌ ل «سيئةٍ» ، وإنما ذكِّر لأن تأنيثَ موصوفِه مجازيٌّ. وقد رُدَّ هذا: بأن ذلك إنَّما يجوزُ حيث اُسْنِد إلى المؤنثِ المجازيِّ، أمَّا إذا أُسْنِدَ إلى ضميرِهِ فلا، نحو:«الشمسُ طالعةٌ» ، لا يجوز:«طالعٌ» إلا في ضرورةٍ كقوله: