للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {إِذْ يَقُولُ} بدلٌ مِنْ «إذ» الأولى في أحَد القولين، والقولُ الآخر: أنها معمولةٌ ل «اذكُر» مقدراً.

قوله: «مَسْحوراً» الظاهرُ أنه اسمُ مفعولٌ من «السِّحْر» بكسرِ السين، أي: مَخْبولَ العقلِ أو مخدوعَه. وقال أبو عبيدة: «معناه أن له سَحْراً» أي: رِئة بمعنى أنه لا يَستَغني عن الطعام والشرابِ، فهو بشرٌ مثلُكم.

وتقول العرب للجبان: «قد انتفخ سَحْره» بفتح السين، ولكلِّ مَنْ أكل وشرب: مَسْحُور، ومُسْحَر. فمِنْ الأولِ قولُ امرئ القيس:

٣٠٦ - ٩- أرانا مُوْضَعِيْنَ لأمرِ غَيْبٍ ... ونُسْحَرُ بالطعامِ وبالشرَّابِ

أي: نُغَذَّى ونُعَلَّلُ. ومِن الثاني قول لبيد:

٣٠٧ - ٠- فإنْ تَسْأَلِينا فيمَ نحنُ فإنَّنا ... عصافيرُ مِنْ هذا الأَنامِ المُسَحَّرِ

ورَدَّ الناسُ على أبي عبيدة قولَه لبُعْدِه لفظاً ومعنى. قال ابن قتيبة: «لا أَدْري ما الذي حَمَل أبا عبيدةَ على هذا التفسيرِ المستكرَهِ مع ما فسَّره السلفُ بالوجوهِ الواضحةِ» . قلت: وأيضاً فإن «السَّحْر» الذي هو الرِّئَة لم يُضْرَبْ له فيه مَثَلٌ بخلاف «السَّحْر» ، فإنهم ضربوا له فيه المَثَلَ، فما بعد الآيةِ مِنْ قولِه «انظر كيف ضَرَبُوا لك الأمثالَ» لا يناسِبُ إلا «السِّحْر» بالكسرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>