٦١٥ - أنا ابنُ دارةُ مَعْروفاً بها نَسَبي ... وهَلْ بدارةَ لَلنَّاسِ مِنْ عَارِ
والتقديرُ: وهو الحقُّ أَحُقُّه مصدقاً، وابنُ دارَة أُعْرَفُ معروفاً، هذا تقديرُ كلامِ النحويين. وأمّا أبو البقاء فإنه قال:«مصدقاً حالٌ مركِّدةٌ، والعاملُ فيها ما في» الحقّ «من معنى الفعل إذ المعنى: وهو ثابِتٌ مصدِّقاً، وصاحب الحالِ الضميرُ المستترُ في» الحقّ «عند قومٍ، وعند آخرين صاحبُ الحالِ ضميرٌ دَلَّ عليه الكلامُ، و» الحقّ «مصدرٌ لا يتحَمَّلُ الضميرَ على حَسَبِ تحمُّلِ اسمِ الفاعلِ له عندهم، فقولُه» عند آخرين «هذا هو الذي قَدَّمْتُه أوَّلاً وهو الصواب.
قوله:{فَلِمَ تَقْتُلُونَ} الفاءُ جوابُ شرطٍ مقدرٍ تقديرُه: إنْ كنتم آمنتم بما أُنزِلَ عليكم فَلِمَ قَتَلتم الأنبياءَ؟ وهذا تكذيبٌ لهم، لأن الإِيمانَ بالتوراةِ منافٍ لقتلِ أَشْرَفِ خَلْقِه. و» لِمَ «جارٌّ ومجرورٌ، اللامُ حرفٌ جرِ وما استفهاميةٌ في محلِّ جَرٍّ أي: لأي شيء؟ ولكنْ حُذِفَتْ ألِفُها فَرْقَاً بينَها وبين» ما «الخبريةِ. وقد تُحْمَلُ الاستفهاميةُ على الخبريةِ فَتَثْبُتُ أَلفُها، قالَ الشاعر:
٦١٦ - على ما قامَ يَشْتِمُني لئيمٌ ... كخنزيرٍ تمرَّغَ في رَمادِ
وهذا ينبغي أَنْ يُخَصَّ بالضرورةِ كما نصَّ عليه بعضُهم، والزمخشري يُجيز ذلك، ويُخَرِّج عليه بعضَ آي القرآن، كما قد تُحْمَلُ الخبريةُ على الاستفهاميةِ في الحذفِ في قولِهم: اصنعْ بِمَ شِئْتَ، وهذا لمجردِ الشَّبَهِ اللفظيِّ. وإذا وُقف على» ما «الاستفهاميةِ المجرورة: فإنْ كانَتْ مجرورةً باسمٍ وَجَبَ لَحاقُ هاءِ السكتِ نحو: مَجيء مَهْ، وإن كانَتْ مجرورةً بحرْفٍ فالاختيارُ اللَّحاقُ. والفرقُ أنَّ الحرفَ يمتزجُ بما يَدْخُلُ عليه فَتَقْوَى به