وحكى مكي، عن الفراء أنه قال:«لا أعرِفُ في الأمر ولا في اليد ولا في كل شيءٍ إلا كسرَ الميمِ» .
قلت: وتواترُ قراءةِ نافعٍ والشاميين يَرُدُّ عليه. وأنكر الكسائيُّ كسرَ الميم في الجارحة، وقال: لا أعرفُ فيه إلا الفتحَ وهو عكسُ قولِ تلميذِه، ولكن خالفه أبو حاتم، وقال:«هو بفتح الميم: الموضعُ كالمسجد. وقال أبو زيد: هو بفتح الميم مصدرٌ جاء على مَفْعَل» وقال بعضهم: هما لغتان فيما يُرْتَفَقُ به، فأمَّا الجارِحَةُ فبكسرِ الميمِ فقط. وحُكي عن الفرَّاء أنَّه قال:«أهلُ الحجاز يقولون:» مَرْفقا «بفتح الميم وكسرِ الفاءِ فيما ارتفقْتَ به، ويكسِرون مِرْفَق الإِنسان، والعربُ بعدُ يَكْسِرون الميمَ منهما جميعاً» . وأجاز معاذ فتحَ الميم والفاءِ، وهو مصدرٌ كالمَضْرَبِ والمَقْتَلِ.
و {مِّنْ أَمْرِكُمْ} متعلَّقُ بالفعلِ قبلَه، و «مِنْ» لابتداءِ الغايةِ أو للتعيض. وقيل: هي بمعنى بَدَلَ، قاله ابن الأنباريِّ وأنشد:
٣١٣ - ٢- فليت لنا مِنْ ماءِ زمزمِ شَرْبَةً ... مُبَرَّدَةً باتَتْ على طَهَيانِ
أي: بَدَلاً. ويجوز أن يكونَ حالاً من «مِرْفَقاً» فيتعلَّقَ بمحذوفٍ.