فَأَخْرَجْتَها عن موضعِها بالكلية بدليلِ دخولِ الفاءِ ألا ترى قولَه:{أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى الصخرة فَإِنِّي} فما دخلتِ الفاءُ إلا وقد اُخْرِجَتْ إلى معنى: أمَّا أو تنبَّهْ. والمعنى: أمَّا إذا أَوَيْنا إلى الصخرة فإنِّي نَسِيْتُ الحوتَ. وقد أَخْرَجْتَها أيضاً إلى معنى أخبرني كما قدَّمْنا. وإذا كانت/ بمعنى أخبِرْني فلا بُدَّ بعدها من الاسمِ المستخبَرِ عنه، وتلزَمُ الجملةُ التي بعدها الاستفهامَ، وقد تَخْرُجُ لمعنى» أمَّا «، ويكون أبداً بعدها الشرطُ وظروفُ الزمان، فقوله:» فإنِّي نَسِيْتُ «معناه: أمَّا إذ أَوَيْنا فإنِّي، أو تَنَبَّه إذ أوينا، وليستِ الفاءُ إلا جواباً لأَرَأَيْتَ لأنَّ» إذْ «لا يَصِحُّ أَنْ يُجازي بها إلا مقرونةً ب» ما «بلا خلافٍ» .
وقال الزمخشري:«أرأيتَ بمعنى أخبِرْني. فإن قلتَ: ما وجهُ التئامِ هذا الكلامِ، فإنَّ كلَّ واحدٍ مِنْ» أرأيت «ومِنْ» إذ أَوَيْنا «، ومِنْ» فإنِّي نَسِيْتُ الحوتَ « [لا متعلِّقَ له] ؟ قلت: لَمَّا طَلَب موسى الحوتَ ذكر يوشع ما رأى منه وما اعتراه مِنْ نِسيانه إلى تلك الغايةِ، ودُهِش فَطَفِقَ يسأل موسى عن سبب ذلك كأنَّه قال: أرأيتَ ما دهاني إذ أَوَيْنا إلى الصخرة فإنِّي نسيتُ الحوت. فحذف ذلك» .
قال الشيخ:«وهذان مَفْقودانِ في تقديرِ الزمخشري» أرأيتَ بمعنى أخبرني «. يعني بهذين ما تقدَّم في كلام الأخفش مِنْ أنَّه لا بُدَّ بعدها من الاسم المستخبَرِ عنه ولزومِ الاستفهامِ الجملةَ التي بعدها.
قوله:{وَمَآ أَنْسَانِيهُ} قرأ حفص بضمِّ الهاء. وكذا في قوله: {