أحدهما: أنه ليس فيه تقديمٌ ولا تأخير؛ إذ رتبهُ الفاعلِ التأخيرُ عن رافعِه. والثاني أنه لا يلزم فيه الفصلُ بين العاملِ ومعمولِه بما ليس معمولاً للعامل؛ وذلك لأنَّ {عَنْ آلِهَتِي} متعلقٌ ب «راغِبٌ» ، فإذا جُعل «أنت» فاعلاً فقد فُصِل بما هو كالجزءِ من العامل، بخلافِ جَعْلِه خبراً فإنه أجنبي إذ ليس معمولاً ل «راغبٌ» .
قوله:«مَلِيَّاً» في نصبه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدها: أنه منصوبٌ على الظرفِ الزماني، أي: زمناً طويلاً، ومنه «المَلَوان» للَّيلِ والنهارِ، وَمَُِلاوةُ الدَّهْر بتثليث الميم قال:
٣٢٤ - ٠- فَعُسْنا بها من الشَّبابِ مَلاوةً ... فالحجُّ آيات الرسولِ المحبِّبِ
والثاني: أنه منصوبٌ على الحال معناه: سالماً سَويَّاً. كذا فسَّره ابن عباس: فهو حالٌ مِنْ فاعلِ «اهْجُرْني» ، وكذلك فَسَّره ابنُ عطيةَ قال:«معناه: مُسْتَبداً، أي: غنيَّاً من قولهم هو مَلِيٌّ بكذا وكذا» . قال الزمخشري:«أي: مُطيقاً» والثالث: أنه نعت لمصدر محذوف، أي: هَجْراً مَلِيَّاً يعني: واسعاً متطاولاً كتطاول الزمان الممتد.