أصلِ الاستثناء. وإنْ قيل: إنه يعودُ على المجرمينَ فقط كان استثناءً منقطعاً، وفيه حينئذٍ اللغتان المشهورتان: لغةُ الحجازِ التزامُ النصبِ، ولغةُ تميمٍ جوازُه مع جوازِ البدلِ كالمتصل.
وجَعَلَ الزمخشريُّ هذا الاستثناء من «الشفاعة» على حَذْفِ مضافٍ تقديرُه: لا يملكونَ الشفاعةَ إلا شفاعةَ مَنِ اتَّخذ، فيكون نصبُه على وَجْهَي البدلِ وأصلِ الاستثناء، نحو:«ما رأيت أحداً إلا زيداً» . وقال بعضُهم: إن المستثنى منه محذوفٌ والتقديرُ: لا يملكون الشفاعةَ لأحدٍ لِمَن اتَّخَذَ عند الرحمن عَهْداً، فَحُذِفَ المستثنى منه للعلم به فهو كقول الآخر:
٣٢٥ - ٩- نجا سالمٌ والنفسُ منه بِشِدْقِهِ ... ولم يَنْجُ إلا جَفْنَ سَيْفٍ ومِئْزَرا
أي: ولم يَنْجُ شيءٌ.
وجَعَلَ ابنُ عطية الاستثناءَ متصلاً وإن عاد الضميرُ في {لاَّ يَمْلِكُونَ} على المجرمين فقط على أَنْ يُراد بالمجرمين الكفرةُ والعُصاةُ من المسلمين. قال الشيخ:«وحَمْلُ المجرمين على الكفارِ والعُصاة بعيدٌ» . قلت: ولا بُعْدَ فيه، وكما اسْتَبْعَدَ إطلاقَ المجرمين على العصاة كذلك يَسْتَبعد غيرُه إطلاقَ المُتَّقين على العُصاة، بل إطلاقُ المجرمِ على العاصي أشهرُ مِنْ إطلاقِ المتَّقي عليه.