لم يُعْقِبْه بنَكير، وهو عجيبٌ منه؛ فإنَّ عطفَ البيان يُشترط فيه التوافقُ تعريفاً وتنكيراً، وقد عَرَفْتَ أنَّ «وزيراً» نكرةٌ و «هارونَ» معرفة، والزمخشري قد تقدَّم له مثلُ ذلك في قوله تعالى:{فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ}[آل عمران: ٩٧] وقد تقدم الكلام معه هناك وهو عائد هنا.
ويجوز أَنْ يكونَ «هارونَ» منصوباً بفعلٍ محذوف كأنه قال: أخصُّ من بينهِم هارون أي: مِنْ بينِ أهلي. ويجوز أَنْ يكونَ «وزيراً» مفعولاً ثانياً، و «هارونَ» هو الأول، وقَدَّم الثاني عليه اعتناءً بأَمْرِ الوِزارة. وعلى هذا فقولُه «لي» يجوز أن يتعلَّق بنفسِ الجَعْل، وأَنْ يتعلقَ بمحذوفٍ على أنه حالٌ مِنْ «وزيراً» ؛ إذ هو في الأصل صفةُ له. و «مِنْ أهلي» على ما تقدَّم من وَجْهَيْه. ويجوز أن يكون «وزيراً» مفعولاً أولَ، و «مِنْ أهلي» هو الثاني. وقوله «لي» مثلُ قولِه {وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ}[الإخلاص: ٤] يَعْنُون أنه به يتمُّ المعنى، ذكر ذلك أبو البقاء. ولَمَّا حكاه الشيخ لم يتعقبه بنكير، وهو عجيب؛ لأنَّ شرطَ المفعولَيْن في باب النواسخ صحةٌ انعقادِ الجملة الاسمية، وأنت لو ابتَدَأْتَ ب «وزير» وأخبرْتَ عنه ب «من أهلي» لم يَجُزْ إذ لا مُسَوِّغ للابتداءِ به.
و «أخي» بدلٌ أو عطفُ بيانٍ ل «هارونَ» . وقال الزمخشري:«وإنْ جُعِل عطفَ بيانٍ آخرَ جاز وحَسُنَ. قال الشيخ:» ويَبْعُدُ فيه عطفُ البيان؛ لأنَّ