للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقديرُه: وهو لا ينفعُهم، وعلى هذا فتكونُ الواو للحالِ، والجملةُ من المبتدأِ والخبر في محلِّ نَصْبٍ على الحالِ، وهذه الحالُ تكونُ مؤكِّدةً لأنَّ قولَه: «ما يَضُرُّهم» ، يُفْهَمُ منه عدمُ النفع، قال أبو البقاء: «ولا يَصِحُ عَطْفُه على» ما «لأنَّ الفعلَ لا يُعْطَفُ على الاسم» وهذا من المواضعِ المستغنى عن النصِّ على مَنْعِها لوضوحِها، وإنما يُنَصُّ على مَنْعِ شيءٍ يُتَوَهَّمُ جوازُه. وأتى هنا ب «لا» لأنها ينفى بها الحالُ والاستقبالُ، وإنْ كان بعضُهم خَصَّها بالاستقبالِ. والضُّرُّ والنَّفْعُ معروفان، يقال: ضَرَّه يَضُرُّه بضم الضاد، وهو قياسُ المضاعَفِ المتعدِّي، والمصدرُ: الضُّر والضَّر بالضم والفتح، والضَّرر بالفك أيضاً، ويقال: ضَارَه يَضيره بمعناه ضَيْراً، قال الشاعر:

٦٦٠ - تقولُ أُناسٌ لا يَضِيرُك نَأْيُها ... بلى كلُّ ما شَفَّ النفوسَ يَضِيرُها

وليس حرفُ العلةِ مُبْدَلاً من التضعيفِ، ونَقَلَ بعضُهم: أنَّه لا يُبْنَى من «نفع» اسمُ مفعول فَيُقال: مَنْفُوع، والقياسُ لا يَأْباه.

قوله: {وَلَقَدْ عَلِمُواْ} تقدَّم أنَّ هذه اللامَ جوابُ قسمٍ محذوفٍ. و «عَلِمَ» يجوزُ أن تكون متعديةً إلى اثنين أو إلى واحدٍ، وعلى كلا التقديرَيْنِ فهي معلَّقةٌ عن العمل فيما بعدَها لأجلِ اللامِ، فالجملةُ بعدَها في محلِّ نصبِ: إمَّا سادةً مسدَّ مفعولين أو مفعولٍ واحدٍ على حَسَبِ ما تقدَّم، ويظهر أثرُ ذلك في العطفِ عليها، فإن اعتقدنا تعدِّيَها لاثنين عَطَفْنا على الجملةِ بعدَها مفعولَيْن وإلاَّ عَطَفْنا مفعولاً واحداً، ونظيرُه في الكلامِ: عَلِمْتُ لزيدٌ قائمٌ وعمراً ذاهباً، أو عَلِمْتُ لزَيدٌ قائمٌ وذهابَ عمروٍ. والذي يَدُلُّ على أنَّ الجملةَ المعلَّقة بعد «عَلِم» في محلِّ نصبٍ وعَطْفَ المنصوبِ على محلِّها قولُ الشاعرِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>