نظيرُه في قولِه:{وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ}[البقرة: ٩٨] . وقوله:{لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} على هذا فيه أوجهٌ، أحدُها: أنه حال/ مِنْ «مَنْ» الأولى أو الثانية أو منهما معاً. وقال أبو البقاء:«حالٌ: إمَّا مِن الأولى أو الثانيةِ على قولِ مَنْ رَفَع بالظرف» يعني أنَّه إذا جَعَلْنا «مَنْ» في قولِه {وَلَهُ مَن فِي السماوات} مرفوعاً بالفاعليةِ، والرافعُ الظرفُ؛ وذلك على رأي الأخفش، جاز أَنْ يكونَ «لا يَسْتبكرون» حالاً: إمَّا مِنْ «مَنْ» الأولى، وإمَّا مِن الثانية؛ لأن الفاعلَ يجيءُ منه الحالُ. ومفهومُه أنَّا إذا جَعَلْنا مبتدأً لا يجيءُ «يستكبرون» حالاً، وكأنه يرى أنَّ الحالَ لا تجيءُ من المبتدأ، وهو رأيٌ لبعضِهم. وفي المسألةِ كلامٌ مقررٌ في غيرِ هذا الموضوعِ، ويجوزُ أَنْ يكونَ «لا يستكبرون» حالاً من الضميرِ المستكنِّ في «عندَه» الواقعِ صلةً، وأن يكونَ حالاً من الضميرِ المستكنِّ في «له» الواقع خبراً.
والوجهُ الثاني من وجهَيْ «مَنْ» : أن تكونَ مبتدأً، و «لا يستكبرون» خبرُه، وهذه جملةٌ معطوفةٌ على جملةٍ قبلَها. وهل الجملةُ مِنْ قوله {وَلَهُ مَن فِي السماوات} استئنافيةٌ أو معادِلَةٌ لجملة قولِه: {وَلَكُمُ الويل} أي: لكم الوَيْلُ، ولله تعالى جميعُ العالَمِ عُلْوِيِّه وسُفْلِيِّه؟ والأولُ أظهرُ.
ولا يَسْتَحْسِرون أي: لا يَكِلُّون ولا يَتْبعون. يقال: اسْتَحْسر البعيرُ أي كَلَّ وتَعِب. قال: علقمة بن عبدة: