قوله:{هذا} فيه ستةٌ أوجه، أحدُها: أن يكونَ نعتاً ل «كبيرُهم» ، الثاني: أن يكونَ بدلاً من «كبيرُهم» . الثالث: أن يكونَ خبراً ل «كبيرهم» على أنَّ الكلامَ يَتِمُّ عند قوله {بَلْ فَعَلَهُ} ، وفاعل الفعلِ محذوفٌ، كذا نقله أبو البقاء، وقال:«وهذا بعيدٌ لأنَّ حَذْفَ الفاعلِ لا يَسُوغ» ، قلت: وهذا القولُ يعزى للكسائي، وحينئذٍ لا يَحْسُن الردُّ عليه بحذفِ الفاعلِ فإنه يُجيز ذلك ويلتزمُه، ويجعلُ التقديرَ: بل فعله مَنْ فعله. ويجوزُ أَنْ يكونَ أراد بالحذفِ الإِضمارَ لأنه لَمَّا لم يُذكر الفاعلُ لفظاً سُمِّي ذلك حَذْفاً.
الرابع: أن يكونَ الفاعلُ ضميرَ «فتى» . الخامس: أن يكون الفاعلُ ضميرَ «إبراهيمُ» . وهذان الوجهان يؤيِّدان ما ذكَرْتُ من أنه قد يكون مرادُ القائلِ بحذفِ الفاعل إنما هو الإِضمارُ. السادس: أنَّ «فَعَلَه» ليس فعلاً، بل الفاء حرف عطف دخلَتْ على «عَلَّ» التي أصلها «لعلَّ» حرفَ تَرَجّ. وحَذْفُ اللامِ الأولى ثابتٌ، فصار اللفظُ فَعَلَّه أي فَلَعَلَّه، ثم حُذفت اللامُ الأولى وخُفِّفت الثانيةُ. وهذا يُعْزَى للفراء. وهو قولٌ مرغوبٌ عنه وقد اسْتَدَلَّ على مذهبِه بقراءةِ ابنِ السَّمَيْفَع «فَعَلَّه» بتشديدِ اللام وهذه شاذَّةٌ، لا يُرْجَعُ بالقراءة المشهورة إليها، وكأن الذي حَمَلَهم على هذا خفاءُ وجهِ صدورِ هذا الكلامِ من النبيِّ عليه السلام.