إلى ضميرِ المُوْحَى إليهم، فلا يكونُ التقدير: فِعْلَهم الخيراتِ، وإقامتَهم الصلاةَ، وإيتاءَهم الزكاةَ. ولا يلزَمُ ذلك؛ إذ الفاعلُ مع المصدرِ محذوفٌ. ويجوزُ أَنْ يكونَ من حيث المعنى مضافاً إلى ظاهرٍ محذوفٍ، ويشملُ الموحى إليهم وغيرَهم. والتقديرُ: فِعْلَ المكلَّفين الخيراتِ. ويجوز أن يكونَ مضافاً إلى ضمير الموحى إليه أي:[أن] يفعلوا الخيراتِ، ويُقيموا الصلاةَ، ويُؤْتُوا الزكاةَ، وإذا كانوا هم قد أُوْحي إليهم ذلك فأتباعُهم جارُوْن مَجْراهم في ذلك، ولا يَلْزَمُ اختصاصُهم به. ثم اعتقادُ بناءِ المصدرِ للمفعولِ مختلَفٌ فيه. أجاز ذلك الأخفشُ. والصحيحُ مَنْعُه فليس ما اختاره الزمخشريُّ بمختارٍ «.
قلت: الذي يَظْهر أنَّ الزمخشريَّ لم يُقَدِّرْ هذا التقديرَ، لِما ذكره الشيخ، حتى يُلْزِمَه ما قاله، بل إنما قَدَّر ذلك لأنَّ نفسَ الفعلِ الذي هو معنى صادرٌ مِنْ فاعلِه لا بوَحْيٍ، إنما بوحيَ ألفاظٍ تَدُلُّ عليه، وكأنه قيل: وأَوْحَيْنا هذا اللفظ، وهو أن تُفْعَلَ الخيراتُ، ثم صاغ ذلك الحرفَ المصدريَّ مع ما بعده مصدراً منوَّناً ناصباً لِما بعده، ثم جَعَلَه مصدراً مضافاً لمفعولِه.
وقال ابن عطية:» والإِقام مصدرٌ. وفي هذا نظر «. انتهى. يعني ابن عطية بالنظر أنَّ مصدرَ أَفْعَل على الإِفعال. فإن كان صحيحَ العينِ جاء تامَّاً كالإِكرام، وإنْ كان معتلَّها حُذِف منه إحدى الألفين، وعُوِّض منه تاءُ التأنيث فيقال إقامة. فلمَّا لم يُقَلْ كذلك جاء فيه النظر المذكور. قال الشيخ:»