للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبئس، وفي باب الإِعمال، وفي باب البدل، وفي باب المبتدأ والخبر، على خلافٍ في بعضها، وفي باب ضمير الشأن، والخمسةُ الأُوَلُ تُفَسَّر بمفرد إلاَّ ضميرَ الشأنِ، فإنه يُفَسَّر بجملةٍ، وهذا ليس واحداً من الستة» .

قلت: بل هذا من المواضع المذكورةِ، وهو باب المبتدأ. غايةُ ما في ذلك أنه دَخَلَ عليه ناسخٌ وهو «إنَّ» فهو نظيرُ قولِهم: «هي العروبُ تقول ما شاءَتْ، وهي النفسُ تتحمَّل ما حَمَلْتْ» وقوله تعالى: {إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا} [الأنعام: ٢٩] . وقد جعل الزمخشريُّ جميعَ ذلك مِمَّا يُفَسَّر بما بعده، ولا فرقَ بين الآيةِ الكريمةِ وبين هذه الأمثلةِ إلاَّ دخولُ الناسخِ ولا أثرَ له، وعَجِبْتُ من غَفْلَةِ الشيخ عن ذلك.

قوله: {التي فِي الصدور} صفةٌ أو بدلٌ أو بيانٌ. وهل هو توكيدٌ؛ لأنَّ القلوبَ لا تكونُ في غير الصدور، أو لها معنى زائدٌ؟ كما قال الزمخشري: «الذي قد تُعُوْرِف واعتُقِدَ أنَّ العمى في الحقيقة مكانُه البصرُ، وهو أن تصابَ الحَدَقَةُ بما يَطْمِسُ نورَها، واستعمالُه في القلبِ استعارةٌ ومَثَلٌ. فلمَّا أُريدَ إثباتُ ما هو خلافُ المعتقدِ مِنْ نسبةِ العمى إلى القلوبِ حقيقةً، ونفيُه عن الأبصارِ، احتاج هذا التصويرُ إلى زيادةِ تعيينٍ وفَضْلِ تعريفٍ؛ ليتقرَّرَ أنَّ مكانَ العمى هو القلوبُ لا الأبصارُ، كما تقولُ: ليس المَضَاءُ للسَّيْفَ، ولكنه لِلِسانِك الذي بينَ فَكَّيْكَ. فقولُك:» الذي بين فَكَّيْكَ «تقريرٌ لِما ادَّعَيْتَه لِلِسانِه وتثبيتٌ؛ لأنَّ مَحَلَّ المَضاءِ هو هو لا غير، وكأنَّك قلتَ: ما نَفَيْتُ المَضاءَ عن السيفِ وأثبتَّه لِلِسانِك فلتةً مني ولا سَهواً، ولكن تَعَمَّدْتُ به إيَّاه بعينه تَعَمُّداً.

<<  <  ج: ص:  >  >>