أبو البقاء:» إنما رُفع الفعلُ هنا وإنْ كان قبلَه استفهامٌ لأمرين، أحدهما: أنه استفهامٌ بمعنى الخبر أي: قد رأيت، فلا يكون له جوابٌ. الثاني: أنَّ ما بعدَ الفاءِ ينتصِبُ إذا كان المستفهمُ عنه سبباً له، ورؤيته لإِنزالِ الماءِ لا يُوْجِبُ اخضرارَ الأرض، وإنما يجبُ عن الماء «وأمَّا قولُه:» وإنما عَبَّر بالمضارع «فهو معنى كلامِ الزمخشري بعينه، وإنما غَيَّر عبارتَه وأَوْسَعَها.
وقوله:» فتصبحُ «استدلَّ به بعضُهم على أن الفاءَ لا تقتضي التعقيبَ قال:» لأنَّ اخضرارَها متراخٍ عن إنزالِ الماء، هذا بالمشاهدةِ «. وقد أُجيب عن ذلك بما نقله عكرمةٌ: مِنْ أَنَّ أرضَ مكة وتهامةَ على ما ذُكر، وأنها تُمْطِرُ الليلةَ فتصبح الأرضُ غُدْوَةً خَضِرةً، فالفاءُ على بابها. قال ابن عطية:» وشاهَدْتُ هذا في السُّوس الأقصى، نَزَل المطر ليلاً بعد قَحْط، فأصبحت تلك الأرضُ الرَّمِلةُ التي تَسْفيها الرياحُ قد اخضرَّت بنباتٍ ضعيف «وقيل: تراخي كلِّ شيء بحَسَبه.
وقيل: ثَمَّ جملٌ محذوفةٌ قبل الفاءِ تقديره: فتهتَزُّ وتَرْبُو وتَنْبُتُ فتصبحُ. يبيِّنُ ذلك قولُه:{فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المآء اهتزت وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ} وهذا من الحذفِ الذي يَدُلُّ عليه فَحْوَى الكلام كقوله تعالى: {فَأَرْسِلُونِ * يُوسُفُ أَيُّهَا الصديق أَفْتِنَا}[يوسف: ٤٥-٤٦] . إلى آخر القصة.
و «تُصْبِحُ» يجوزُ أَنْ تكونَ الناقصةَ، وأَنْ تكونَ التامَّة. و «مُخْضَرَّةً» حالٌ. قاله أبو البقاء. وفيه بُعْدٌ عن المعنى إذ يصير التقديرُ: فَتَدخُلُ الأرضُ في وقتِ الصباح على هذه الحالِ. ويجوزُ فيها أيضاً أن تكونَ على بابِها من الدلالةِ على اقترانِ مضمونِ الجملة بهذا الزمنِ الخاصِّ. وإنما خَصَّ هذا