للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اسمُ ما يُؤْتَمُّ به أي يُقْصَدُ ويُتَّبَعُ كالإِزار اسمُ ما يُؤْتَزَرُ به، ومنه قيل لخيط البَنَّاء: «إمام» ، ويكون في غيرِ هذا جَمْعاً لآمّ اسمِ فاعلٍ من أَمَّ يَؤُمُّ نحو: قائم وقِيام: ونائِم ونِيام وجائِع وجِياع.

قوله: {وَمِن ذُرِّيَّتِي} فيه ثلاثةُ أقوالٍ، أحدُها، أَنَّ «مِنْ ذريتي» صفةً لموصوفٍ محذوفٍ هو مفعولٌ أولُ، والمفعولُ الثاني والعاملُ فيهما محذوفٌ تقديرُه: «قال واجْعَلْ فريقاً من ذريتي إماماً» قاله أبو البقاء. الثاني: أنَّ «ومِنْ ذُرِّيَّتي» عطفٌ على الكافِ، كأنَّه قال: «وجاعلُ بعضِ ذريتي» كما يُقال لك: سَأُكْرمك، فتقول: وزيداً. قال الشيخ: «لا يَصِحُّ العطفُ على الكافِ لأنَّها مجرورةٌ، فالعطفُ عليها لا يكونُ إلا بإعادة الجارّ، ولم يُعَدْ، ولأنَّ» مِنْ «لا يُمْكِنُ تقديرُ إضافةِ الجارِّ إليها لكونِها حرفاً، وتقديرُها مرادفةً لبعض حتى تَصِحَّ الإِضافةُ إليها لا يَصِحُّ، ولا يَصِحُّ أن يقدَّرَ العطفُ من باب العطفِ على موضعِ الكاف لأنَّه نصبٌ فَتُجْعَلَ» مِنْ «في موضعِ نصبٍ لأنَّه ليسَ مِمَّا يُعْطَفُ فيه على الموضعِ في مذهبِ سيبويهِ لفواتِ المُحْرِزِ، وليسَ نظيرَ ما ذَكَر لأن الكاف في» سأكرمك «في موضعِ نصبٍ. الثالث: قال الشيخ:» والذي يَقْتضيه المعنى أن يكونَ «مِنْ ذرّيَّتي» متعلقاً بمحذوفٍ، التقديرُ: واجْعَلْ مِنْ ذرِّيّتي إماماً لأنَّ «إبراهيم» فَهِمَ من قولِه: «إني جاعلُك للناسِ إماماً الاختصاصَ، فسأل أَنْ يَجْعل مِنْ ذريتِه إماماً» فإنْ أرادَ الشيخُ التعلُّق الصناعيُّ فيتعدَّى «جاعل» لواحدٍ، فهذا ليسَ بظاهرٍ، وإن أرادَ التعلُّقَ المعنويَّ فيجوزُ أَنْ يريدَ ما يريده أبو البقاء. ويجوزُ أَنْ يكونَ «مِنْ ذرِّيَّتي» مفعولاً ثانياً قُدِّم على الأولِ فيتعلَّقَ بمحذوفٍ، وجاز ذلك لأنه يَنْعَقِدُ من هذين الجزأين مبتدأُ وخيرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>