للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما أحسنَ ما كنى عن دَمْعِه بالأجاج، وعن المبكيِّ عليه بالعذب الفُراتِ، وكان سببَ إنشادِي هذين البيتين أنَّ بعضَهم لحَّن قائلَهما في قولِه «عُراتا» : كيف يَقِفُ على تاءِ التأنيث المنونة بالألفِ؟ فقلت: إنها لغةٌ مستفيضةٌ يَجْعلون التاءَ كغيرِها فيُبْدلون تنوينَها بعد الفتحِ ألفاً. حَكَوْا عنهم. أكلْتُ تَمْرَتا، نحو: أكلْتُ زَيْتا.

وقرأ طلحة وقتيبة عن الكسائي «مَلِحٌ» بفتح الميم وكسرِ اللام، وكذا في سورة فاطر، وهو مقصورٌ مِنْ مالح، كقولهم: بَرِد في بارد قال:

٣٤٨٨ - وصِلِّيانا بَرِدا ... وماء مالح لغةٌ شاذةٌ. وقال أبو حاتم: «وهذه قراءةٌ مُنْكَرَةٌ» .

قوله: {وَحِجْراً مَّحْجُوراً} : الظاهرُ عطفُه على «بَرْزَخاً» . وقال الزمخشري: «فإنْ قلتَ: حِجراً مَحْجُوراً ما معناه؟ قلت: هي الكلمةُ التي يَقُولُها المتعوِّذُ، وقد فَسَّرناها، وهي هنا واقعةٌ على سبيلِ المجازِ. كأنَّ كلَّ واحدٍ من البحرَيْن يقول لصاحبِه: حِجْراً مَحْجُوراً، وهي من أحسنِ الاستعاراتِ» ، فعلى ما قالَه يكونُ منصوباً بقولٍ مضمرٍ.

قوله: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً} يجوزُ أَنْ يكونَ الظرفُ متعلِّقاً بالجَعْل، وأَنْ يتعلَّق بمحذوفٍ على أنَّه حالٌ مِنْ «بَرْزَخاً» ، والأولُ أظهرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>