بالمفعول به لأنهما معمولاً صفةٍ مشبهةٍ، وهي الشُّعْر جمع أَشْعر، وأجَبّ وهو اسمٌ. السادس: أنه مشبّهٌ بالمفعولِ به وهو قولُ بعض الكوفيين. السابع: أنه توكيدٌ لِمَنْ سَفِه، لأنه في محلِّ نصبٍ على الاستثناء في أحد القولين، وهو تخريجٌ غريبٌ نقله صاحب «العجائب والغرائب» ، والمختارُ الأولُ لأنَّ التضمينَ لا يَنْقاسُ وكذلك حرفِ الجرِّ، وأمّا حَذْفُ المؤكَّد وإبقاءُ التوكيدِ فالصحيحُ لا يجوزُ، وأمَّا التمييزُ فلا يقع معرفةً، وما وَرَدَ نادرٌ أو مُتَأَوَّل، وأمّا النصبُ على التشبيهِ بالمفعولِ فلا يكونُ في الأفعالِ إنما يكون في الصفاتِ المشبَّهةِ خاصةً.
قوله:{فِي الآخرة} فيه خمسةُ أوجه، أحدُها: أنه متعلِّق بالصالحين على أن الألفِ واللامَ للتعريفِ وليستْ موصولةً. الثاني أنها متعلقةٌ بمحذوفٍ أيضاً لكن مِنْ جِنسِ الملفوظِ به أي: وإنه لصالحٌ في الآخرة لَمِن الصالحين. الرابع: أن يتعلَّقَ بقولِه «الصالحين» وإنْ كانت أل موصولةً: لأنه يُغْتفر في الظروفِ وشِبْهِها ما لا يُغْتَفَرُ في غيرِها اتِّساعاً، ونظيرُه قوله:
٧٢٩ - رَبَّيْتُه حتى إذا تَمَعْدَدا ... كان جزائي بالعَصَى أَنْ أُجْلَدَا
الخامس: أن يتعلَّق ب «اصَطَفْيناه» قال الحسين بن الفضل: «في الكلامِ تقديمٌ وتأخيرٌ، مجازُه: ولقد اصطفيناه في الدنيا وفي الآخرة» وهذا ينبغي ألاَّ يجوزُ مثلُه في القرآنِ لنُبُوِّ السَّمْعِ عنه.