غيرُه: إنَّ الترِديدَ عبارةٌ عن رَدِّ أعجاز البيوت على صدورِها، أو رَدِّ كلمةٍ من النصفِ الأولِ إلى النصف الثاني. فمثالُ الأولِ قولُه:
٣٥٥٧ - سَريعٌ إلى ابنِ العَمِّ يَلْطِمُ وَجْهَه ... وليس إلى داعي الخَنا بسَريعِ
ومثالُ الثاني قولُه:
٣٥٥٨ - والليالي إذا نَأَيْتُمْ طِوالٌ ... والليالي إذا دَنَوْتُمْ قِصَارُ
وقرأ ابن كثير في روايةٍ «مِنْ سَبَاً» مقصوراً منوَّناً. وعنه أيضاً:«مِنْ سَبْأَ» بسكون الباءِ وفتحِ الهمزةِ، جعله على فَعْل ومَنَعَه من الصرفِ لِما تقدَّم.
وعن الأعمش «مِنْ سَبْءِ» بهمزةٍ مكسورةٍ غير منونةٍ. وفيها إشكالٌ؛ إذ لا وجهَ للبناء. والذي يظهر لي أنَّ تنوينَها لا بدَّ أَنْ يُقْلَبَ ميماً وصلاً ضرورةَ ملاقاتِه للباء، فسمعها الراوي، فظنَّ أنه كَسَر مِنْ غيرِ تنوينٍ. ورُوِيَ عن أبي عمروٍ «مِنْ سَبَا» بالألفِ صريحةً كقولِهم: «تَفَرَّقُوا أَيْدِيْ سَبا» . وكذلك قُرِىء «بنَبَا» بألفٍ خالصةٍ، وينبغي أَنْ يكونا لقارِىءٍ واحدٍ.
و «سَبَأ» في الأصلِ اسمُ رجلٍ مِنْ قَحْطانَ، واسمه عبد شمس، وسَبَأُ