فلزِمَ تحريكُ الباءِ، وذلك على لغةِ مَنْ يَقِفُ من العرب بإبدال الهمزةِ حرفاً يجانِسُ حركتَها فيقول: هذا الخَبُوْ، ورأيتُ الخَبا ومررت بالخَبِي، ثم أُجْرِي الوصلُ مجرى الوقفِ.
وعندي أنه لَمَّا نَقَلَ حركةَ الهمزةِ إلى الساكنِ قبلَها لم يَحْذِفْها، بل تركها فسكنَتْ بعد فتحةٍ فدُيِّرَتْ بحركةِ ما قبلها، وهي لغةٌ ثابتةٌ يقولون: المَراة والكَماة بألفٍ مكانَ الهمزةِ بهذه الطريقةِ.
وقد طَعن أبو حاتم على هذه القراءةِ وقال:«لا يجوزُ في العربيةِ؛ لأنه إنْ حَذَفَ الهمزة ألقى حركتَها على الباء، فقال: الخَبَ، وإن حَوَّلها قال: الخَبْيَ بسكونِ الباءِ وياءٍ بعدَها» قال المبرد: «كان أبو حاتم دونَ أصحابِه في النحوِ، لم يَلْحَقْ بهم، إلاَّ أنه إذا خَرَجَ مِنْ بلدِهم لم يَلْقَ أَعْلَمَ منه» .
قوله:{فِي السماوات} فيه وجهان، أحدُهما: أنه متعلقٌ ب «الخَبْءَ» أي: المخبوءَ في السماواتِ. والثاني: أنه متعلقٌ ب «يُخْرِجُ» على أنَّ معنى «في» معنى «مِنْ» أي: يُخْرِجُه من السماواتِ. وهو قول الفراء.
قوله:{مَا تُخْفُونَ} قرأ الكسائيُّ وحفص بالتاء مِنْ فوقُ فيهما، والباقون بالياءِ مِنْ تحتُ. فالخطابُ ظاهرٌ على قراءةِ الكسائي؛ لأنَّ قبلَه أمْرَهم بالسجودِ وخطابَهم به. والغَيْبَةُ على قراءةِ الباقينِ غيرَ حفصٍ ظاهرةٌ أيضاً؛ لتقدُّمِ الضمائرِ الغائبةِ في قوله:«لهم» و «أعمالهم» و «صَدَّهم» و «فهمْ» . وأمَّا قراءةُ حفصٍ فتأويلُها أنه خَرَجَ إلى خطابِ الحاضرين بعد أَنْ