ما فَعَلْتَ فإني غَنِيٌّ عنه، وعليه وَرَد قولُه:{فَمَآ آتَانِي الله} انتهى. وفي هذا الفرِق نَظَرٌ؛ إذ لا يُفهم ذلك بمجردِ الواوِ والفاءِ، ثم إنه لم يُجِبْ عن السؤال الأول: وهو أنه لِمَ عَدَلَ عن قوله:» وأنا أغنى منكم «إلى قوله: {فَمَآ آتَانِي الله} ؟ وجوابُه: أنه أًُسْنِدَ إيتاءُ الغنى إلى اللهِ إظهاراً لنعمتِه عليه، ولو قال: وأنا أغنى منكم، كان في افتخارٌ من غيرِ ذِكْرٍِ لنعمةِ اللهِ عليه.
قوله:{بَلْ أَنتُمْ} إضرابُ انتقالٍ. قال الزمخشري:» فإنْ قلتَ: فما وجه الإِضرابِ؟ قلت: لَمَّا أَنْكر عليهم الإِمدادَ، وعَلَّل إنكارَه، أَضْرَبَ عن ذلك إلى بيان السببِ الذي حَمَلَهم عليه، وهو أنَّهم لا يَعْرِفُون سببَ رضا إلاَّ ما يهدى إليهم/ من حُظوظِ الدنيا التي لا يَعْرِفُون غيرَها. والهديَّة يجوزُ إضافتُه إلى المُهْدي. وإلى المهدى إليه وهي هنا محتملةٌ للأمرَيْن «.
قال الشيخ:» وهي هنا مضافةٌ للمهدى إليه. وهذا هو الظاهرُ. ويجوز أَنْ تكونَ مضافةً إلى المُهْدِي أي: بل أنتم بهديَّتِكم هذه التي أَهْدَيْتُموها تَفْرَحُوْنَ فَرَحَ افتخارٍ «. قلت كيف يَجْعَلُ هذا الأولَ هو الظاهرَ، ولم يُنْقَلْ أنَّ سليمان صلَّى الله عليه وسلَّم أرسلَ إليهم هديةً في هذه الحالةِ حتى يُضيفَها إليهم؟ ، بل الذي يتعيَّن إضافتُها إلى المُهْدِي.