وقال أبو الفضل الرازي:«لا بُدَّ من إضمارِ جملةٍ معادِلةَ، وصار ذلك المضمرُ كالمنطوق [به] لدلالةِ الفحوى عليه. وتقديرُ تلك الجملة: أَمَنْ خَلَقَ السماواتِ والأرضَ كمَنْ لم يَخْلُقْ، وكذلك أخواتُها. وقد أظهرَ في غيرِ هذا الموضعِ ما أَضْمَرَ فيها، كقولِه تعالى:{أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ}[النحل: ١٧] . قال الشيخ:» وتَسْمِيَةُ هذا المقدَّرِ جملةً: إنْ أراد بها جملةً من الألفاظِ فصحيحٌ، وإنْ أراد الجملةَ المصطلحَ عليها في النحوِ فليس بصحيحٍ، بل هو مضمرٌ من قبيلِ المفردِ «.
وقرأ الأعمش:» أمَنْ «بتخفيفِ الميمِ جَعَلَها» مَنْ «الموصولةَ، داخلةً عليها همزةُ الاستفهام. وفيه وجهان، أحدهما: أن تكونَ مبتدأَةً، والخبرُ محذوفٌ. وتقديرُه ما تقدَّم من الأوجهِ. ولم يذكُرْ الشيخُ غيرَ هذا. والثاني: أنها بدلٌ من» الله «كأنه قيل: أمَنْ خلَقَ السماواتِ والأرضَ خيرٌ أَمْ ما تُشْركون. ولم يذكُرْ الزمخشريُّ غيره. ويكون قد فَصَل بين البدلِ والمبدلِ منه بالخبرِ وبالمعطوف على المبدل منه. وهو نظيرُ قولك:» أزيدٌ خيرٌ أم عمروٌ أأخوك «على أن يكونَ» أَأخوك «بدلاً من» أزيد «، وفي جوازِ مثلِ هذا نظرٌ.
قوله:{فَأَنبَتْنَا} هذا التفاتٌ من الغَيْبَةِ إلى التكلمِ لتأكيدِ معنى اختصاصِ