فتخصيصُه ببعضِ المتأخرين يُؤْذِنُ أن المتقدِّمينَ وبعضَ المتأخرين يمنعونه، وليس كذلك لِما حَكَيْتُ عنهم في «أم» المنقطعةِ.
وقرأ ابنُ مسعودٍ «بل أَأَدْرَكَ» بتحقيقِ الهمزتين. وقرأ ورش في رواية «بلَ ادْرَكَ» بالنقل. وقرأ ابنُ عباس أيضاً «بلى ادْرَك» بحرف الإِيجاب أختِ نَعَم. و «بَلى آأَدْرك» بألفٍ بين الهمزتين. وقرأ أُبَيٌّ ومجاهد «أم» بدلَ «بل» وهي مخالفةٌ للسَّواد.
قوله:{فِي الآخرة} فيه وجهان، أحدُهما: أنَّ «في» على بابها و «أَدْرَك» وإن كان ماضياً لفظاً فهو مستقبلٌ معنىً؛ لأنه كائنٌ قطعاً كقوله:{أتى أَمْرُ الله}[النحل: ١] وعلى هذا ف «في» متعلقٌ ب «ادَّاركَ» . والثاني: أنَّ «في» بمعنى الباء أي بالآخرة. وعلى هذا فيتعلَّق بنفسِ عِلْمِهم كقولِك:«عِلْمي بزيدٍ كذا» . وأمَّا قراءةُ مَنْ قرأ «بلى» فقال الزمخشري: «لَمَّا جاء ب» بلى «بعد قولِه: {وَمَا يَشْعُرُونَ} كان مَعْناه:» بلى يَشْعْرون «ثم فَسَّر/ الشعورَ بقولِه {أَدْرَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخرة} على سبيلِ التهكمِ الذي معناه المبالغةُ في نَفْي العلمِ» ثم قال: و «أمَّا قراءةُ» بلى أَأَدْرك «على الاستفهامِ فمعناه: بلى يَشْعُرون متى يُبْعثون. ثم أنكر علمَهم بكونِها، وإذا أنكر علمَهم بكونِها لم يتحصَّلْ لهم شعورٌ بوقتِ كونِها؛ لأنَّ العلمَ بوقتِ الكائنِ تابعٌ للعلم بكونِ الكائنِ» ثم قال: «فإنْ قلتَ ما معنى هذه الإِضراباتِ الثلاثةِ؟ قتل: ما هي إلاَّ تنزيلٌ