ذلك الإِيمانُ صبغةُ الله. والثاني: أن تكونَ بدلاً مِنْ «مِلَّة» لأنَّ مَنْ رَفَعَ «صِبْغَة» رفع «مِلَّة» كما تقدَّم فتكونَ بدلاً منها كما قيل بذلك في قراءةِ النصبِ.
قولِه:{وَمَنْ أَحْسَنُ} مبتدأٌ وخبرٌ، وهذا استفهامٌ معناه النَّفْيُ أي: لا أحدَ، و «أَحْسَنُ» هنا فيها احتمالان، أحدُهما: أنها ليست للتفضيل إذ صبغةُ غيرِ الله منتفٍ عنها الحُسْنُ. والثاني: أنْ يُراد التفضيلُ باعتبارِ مَنْ يظنُّ أنَّ في صِبْغةِ غيرِ الله حُسْناً لا أنَّ ذلكَ بالنسبةِ إلى حقيقةِ الشيءِ. و «مِنَ الله» ، متعلِّقٌ بَحْسَنُ فهو في محلِّ نَصْبٍ. و «صبغةً» نصبٌ على التمييز مِنْ أَحْسَنُ، وهو من التمييز المنقولِ من المبتدأ والتقديرُ: ومَنْ صِبْغَتُه أحسنُ مِنْ صبغةِ الله، فالتفضيلُ إنَّما يَجْري بين الصبغتينِ لا بينَ الصابغين. وهذا غريبٌ أعني كَوْنَ التمييزِ منقولاً من المبتدأ.
قولُه:{وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ} جملةٌ من مبتدأٍ وخبرٍ معطوفةٌ على قَوْلِهِ {قولوا آمَنَّا بالله} فهي في محلِّ نصبٍ بالقول، قال الزمخشري:«وهذا العطفُ يَرُدُّ قولَ مَنْ زَعَمَ أنَّ» صبغة الله «بدلٌ مِنْ» مِلَّةَ «أو نصبٌ على الإِغراءِ بمعنى عليكم صبغةَ الله لما فيه مِنْ فَكِّ النَّظْم وإخراجِ الكلامِ عن التئامِهِ واتِّساقِه» . قال الشيخ:«وتقديرُه في الإِغراءِ: عليكم صبغةَ ليس بجيدٍ؛ لأنَّ الإِغراءَ إذَا كانَ بالظروفِ والمجروراتِ لا يجوزُ حَذْفُ ذلك الظرفِ ولا المجرورِ، ولذلك حينَ ذَكَرْنا وجهَ الإِغراءِ قدَّرْنا بالزموا صبغةَ الله. انتهى» . كأنَّه لضَعْفِ العَمَلِ بالظروف والمجروراتِ ضَعُفَ حَذْفُها وإبقاءُ عملِها.