والثاني: أنَّ «أهونُ» ليسَتْ للتفضيل، بل هي صفةٌ بمعنى هَيِّن، كقولهم: اللَّهُ أكبرُ [أي] : الكبير. والظاهرُ عَوْدُ الضمير في «عليه» على الباري تعالى ليُوافِقَ الضميرَ في قوله: {وَلَهُ المثل الأعلى} . قال الزمخشري:«فإن قلتَ: لِمَ أُخِّرَتِ الصلةُ في قوله {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} وقُدِّمَتْ في قولِه {هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ} ؟ قلت: هنالك قُصِدَ الاختصاصُ، وهو مَحَزُّه فقيلِ: هو عليَّ هيِّنٌ وإن كان مُسْتَصعباً عندك أن يُوْلَدَ بين هِمٍّ وعاقِر، وأمَّا هنا فلا معنى للاختصاص. كيف والأمرُ مبنيٌّ على ما يعقلون من أنَّ الإِعادةَ أسهلُ من الابتداء؟ فلو قُدِّمَت الصلة لَتَغيَّر المعنى» . قال الشيخ:«ومبنى كلامِه على أنَّ التقديمَ يُفيد الاختصاصَ وقد تكلَّمْنا معه ولم نُسَلِّمه» . قلت: الصحيحُ أنه يُفيده، وقد تقدَّم جميعُ ذلك.
قوله:{وَلَهُ المثل الأعلى} يجوز أَنْ يكونَ مرتبطاً بما قبلَه، وهو قولُه:{وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} أي: قد ضَرَبه لكم مَثَلاً فيما يَسْهُل وفيما يَصْعُبُ. وإليه نحا الزجَّاج أو بما بعدَه مِنْ قولِه:{ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ}[الروم: ٢٨] وقيل: المَثَلُ: الوصفُ. «وفي السماوات» يجوز أَنْ يتعلَّق بالأَعْلى أي: إنه علا في