للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لخفَّتِها. وأَنْشدوا على تسكينِ همزتها:

٣٧٣١ - صريعُ خَمْرٍ قام مِنْ وُكَاءَتِهْ ... كقَوْمَةِ الشيخ إلى مِنْسَأْتِهْ

وقد طَعَنَ قومٌ على هذه القراءةِ، ونَسَبوا راوِيَها إلى الغلط. قالوا: لأنَّ قياسَ تخفيفِها إنما هو تسهيلُها بينَ بينَ، وبه قرأ ابنُ عامرٍ وصاحباه، فظَنَّ الراوي أنهم سَكَّنوا. وضَعَّفها أيضاً بعضُهم: بأنه يَلْزَمُ سكونُ ما قبل تاءِ التأنيثِ، وما قبلها واجبُ الفتحِ إلاَّ الألفَ.

وأمَّا قراءةُ الإِبدالِ فقيل: هي غيرُ قياسيةٍ، يَعْنُون أنها ليسَتْ على قياسِ تَخْفيفِها. إلاَّ أنَّ هذا مردودٌ: بأنها لغةُ الحجازِ، ثابتةً، فلا يُلْتَفَتُ لمَنْ طَعَن. وقد قال أبو عمرو: - وكَفَى به - «أنا لا أَهْمِزُها، لأنِّي لا أَعْرِفُ لها اشتقاقاً، فإنْ كانَتْ مما لا يُهْمَزُ فقد أُخْطِئُ. وإن كانَتْ تُهْمَزُ فقد يجوزُ لي تَرْكُ الهمزِ فيما يُهْمَزُ» . وهذا الذي ذكره أبو عمرٍو أحسنُ ما يقالُ في هذا ونظائرِه.

وَقُرئ «مَنْسَأَتَه» بفتح الميم مع تحقيقِ الهمزةِ، وإبدالِها ألفاً، وحَذْفِها تخفيفاً، و «مِنْسَاْءَتَه» بزنة مِفْعَالَتَه كقولهم: مِيْضَأَة ومِيْضاءَة وكلُّها لغاتٌ.

وقرأ ابنُ جُبَيْر «مِنْ سَأَتِه» فَصَل «مِنْ» وجَعَلَها حَرفَ جَرٍّ، وجَعَل «سأَتِه» مجرورةً بها. والسَّأَةُ والسِّئَةُ هنا العصا. وأصلُها يَدُ القوسِ العليا والسفلى يقال: سَاةُ القوسِ مثلُ شاة، وسِئَتُها، فَسُمِّيَتِ العصا بذلك على وجهِ الاستعارة. والمعنى: تأكلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>