أنه الشافعُ كما تقول: الكَرْمُ لزيدٍ، وعلى معنى أنه المشفوعُ له كما تقول: القيامُ لزيدٍ فاحتمل قولُه: {وَلاَ تَنفَعُ الشفاعة عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} أَنْ يكونَ على أحدِ هذين الوجهين أي: لا تنفعُ الشفاعةُ إلاَّ كائنةً لمَنْ أَذِن له من الشافعين ومطلقةً له، أو لا تنفع الشفاعة إلاَّ كائنةً لمَنْ أَذِن له أي: لشفيعِه، أو هي اللامُ الثانية في قولك:» أُذِنَ لزيدٍ لعمروٍ «أي: لأجله فكأنه قيل: إلاَّ لمَنْ وقع الإِذنُ للشفيعِ لأجلِه. وهذا وجهٌ لطيفٌ وهو الوجه» . انتهى.
فقولُه:«الكَرْم لزيدٍ» يعني: أنَّها ليسَتْ لامَ العلة بل لامُ الاختصاصِ. وقوله:«القيامُ لزيد» يعني أنها لام العلة كما هي في «القيام لزيد» . وقوله:«أُذن لزيدٍ لعمروٍ» يعني: أنَّ الأولى للتبليغ، والثانيةَ لامُ العلَّةِ.
وقرأ الأخَوان وأبو عمروٍ «أُذِنَ» مبنياً للمفعول، والقائمُ مَقامَ الفاعلِ الجارُّ والمجرورُ. والباقون مبنيّاً للفاعل أي: أَذِنَ اللَّهُ وهو المرادُ في القراءة الأخرى. وقد صَرَّح به في قولِه:{إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ الله}[النجم: ٢٦]{إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن}[النبأ: ٣٨] .
قوله:«حتى إذا» هذه غايةٌ لا بُدَّ لَها مِنْ مُغَيَّا. وفيه أوجهٌ، أحدُها: أنه قولُه: {فاتبعوه}[سبأ: ٢٠] على أَنْ يكونَ الضميرُ في عليهم من قولِه: {صَدَّقَ عَلَيْهِمْ}[سبأ: ٢٠] وفي «قلوبِهم» عائداً على جميع الكفار، ويكون التفزيعُ حالةَ