الثالث: أنَّ «كافَّة» صفةٌ لمصدرٍ محذوفٍ تقديرُه: إلاَّ إرْسالةً كافَّةً. قال الزمخشري:«إلاَّ إرْسالةً عامةً لهم محيطةً بهم؛ لأنها إذا شَمِلَتْهُم فقد كَفَتْهُمْ أَنْ يَخْرُجَ منها أحدٌ منهم» . قال الشيخ:«أمَّا كافَّة بمعنى عامَّة، فالمنقولُ عن النحويين أنها لا تكونُ إلاَّ حالاً، ولم يُتَصَرَّفْ فيها بغير ذلك، فَجَعْلُها صفةً لمصدرٍ محذوفٍ خروجٌ عَمَّا نقلوا، ولا يُحْفَظُ أيضاً استعمالُها صفةً لموصوفٍ محذوفٍ» . /
الرابع: أنَّ قوله: «كافَّةً» حالٌ من «للناس» أي: للناس كافَّة. إلاَّ أن هذا قد رَدَّه الزمخشريُّ فقال:«ومَن جَعَلَه حالاً من المجرور متقدِّماً عليه فقد أخطأ؛ لأنَّ تَقَدُّمَ حالِ المجرورِعليه في الإِحالةِ بمنزلةِ تقدُّمِ المجرورِ على الجارِّ. وكم تَرَى مِمَّنْ يَرْتكبُ مثلَ هذا الخطأ، ثم لا يَقْنَعُ به حتى يَضُمَّ إليه أن يَجْعَلَ اللامَ بمعنى إلى، لأنه لا يَسْتوي له الخطأُ الأولُ إلاَّ بالخطأ الثاني، فلا بُدَّ له أَنْ يرتكبَ الخطأَيْن معاً» . قال الشيخ:«أمَّا قوله كذا فهو مختلَفٌ فيه: ذهب الجمهورُ إلى أنه لا يجوزُ، وذهب أبو عليّ وابن كَيْسانَ وابن بَرْهانَ وابن ملكون إلى جوازه» . قال:«وهو الصحيحُ» . قال:«ومِنْ أمثلةِ أبي عليّ:» زيدٌ خيرَ ما يكونُ خيرٌ منك «. التقدير: زيدٌ خيرٌ منك خيرَ ما يكونُ، فجعل» خيرَ ما يكون «حالاً من الكاف في» مِنْكَ «وقَدَّمها عليها وأنشد: