قال الشيخُ:«ومذهبُ الأخفش والكوفيين أنه يجوزُ البدلُ مِنْ ضميرِ المخاطبةِ والمتكلم؛ إلاَّ أنَّ البدلَ في الآيةِ لا يَصِحُّ؛ ألا ترى أنه لا يَصِحُّ تفريغُ الفعلِ الواقعِ صلةً لما بعد» إلاَّ «لو قلتَ:» ما زيدٌ بالذي يَضْرِب إلاَّ خالداً «لم يَجُزْ. وَتَخَيَّلَ الزجَّاجُ أنَّ الصلةَ - وإن كانَتْ مِنْ حيث المعنى منفيَّةً - أنه يجوزُ البدلُ، وليس بجائزٍ، إلاَّ أَنْ يَصِحَّ التفريغُ له» . قلت: ومَنْعُهُ قولَك: «ما زيدٌ بالذي يَضْرب إلاَّ خالداً» فيه نظرٌ، لأنَّ النفيَ إذا كان مُنْسَحباً على الجملة أُعْطي حُكْمَ ما لو باشَرَ ذلك الشيءَ. ألا ترى أنَّ النفيَ في قولك «ما ظننتُ أحداً يَفْعلُ ذلك إلاَّ زيدٌ» سَوَّغَ البدلَ في «زيد» مِنْ ضميرِ «يَفْعَل» وإنْ لم يكنِ النفيُ مُتَسَلِّطاً عليه. قالوا: ولكنه لمَّا كان في حَيِّزِ النفي صَحَّ فيه ذلك، فهذا مثلُه.
والزمخشريُّ أيضاً تَبع الزجَّاجَ والفراءَ في ذلك من حيث المعنى، إلاَّ أنَّه لم يَجْعَلْه بدلاً بل منصوباً على أصل الاستثناء، فقال:«إلاَّ مَنْ آمنَ استثناءٌ من» كم «في تُقَرِّبُكم. والمعنى: أنَّ الأموالَ لا تُقَرِّبُ أحداً إلاَّ المؤمنَ الذي يُنْفقها في سبيلِ الله. والأولاد لا تُقَرِّبُ أحداً إلاَّ مَنْ عَلَّمهم الخيرَ، وفَقَّهَهم في الدين، ورَشَّحهم للصلاح» .
ورَدَّ عليه الشيخُ بنحوِ ما تقدَّم فقال:«لا يجوزُ: ما زيدٌ بالذي يَخْرُج إلاَّ أخوه، وما زيدٌ بالذي يَضْرب إلاَّ عَمْراً» . والجوابُ عنه ما تقدم، وأيضاً فالزمخشريُّ لم يجعَلْه بدلاً بل استثناءً صريحاً، ولا يُشْتَرَطُ في الاستثناء التفريغُ اللفظيُّ بل الإِسنادُ المعنويُّ، ألا ترى أنك تقول: «قام