أي: عملاً صالحاً غيرَ الذي كنا نعملُ، وأَنْ يكونا بمعنى مفعولٍ به محذوفٍ أي: نعمل شيئاً صالحاً غيرَ الذي كنَّا نعملُ، وأَنْ يكونَ «صالحاً» نعتاً لمصدرٍ، و {غَيْرَ الذي كُنَّا نَعْمَلُ} هو المفعولُ به. وقال الزمخشري:«فإنْ قلتَ: فهَلاَّ اكْتُفي ب» صالحاً «كما اكْتُفِي به في قولِه: {فارجعنا نَعْمَلْ صَالِحاً}[السجدة: ١٢] ، وما فائدةُ زيادةِ {غَيْرَ الذي كُنَّا نَعْمَلُ} على أنه يُوْهِمُ أنهم يعملون صالحاً آخرَ غيرَ الصالحِ الذي عملوه؟ قلت: فائدتُه زيادةُ التحسُّر على ما عَمِلوه من غيرِ الصالح مع الاعترافِ به. وأمَّا الوهمُ فزائلٌ بظهورِ حالهم في الكفرِ وظهورِ المعاصي، ولأنَّهم كانوا يَحْسَبُون أنهم على سيرةٍ صالحةٍ، كما قال تعالى:{وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً}[الكهف: ١٠٤] فقالوا: أَخْرِجْنا نعمَلْ صالحاً غيرَ الذي كُنَّا نَحْسَبُه صالحاً فنعملُه» .
قوله:«ما يَتَذكَّر» جوَّزوا في «ما» هذه، وجهين، أحدهما: - ولم يَحْكِ الشيخُ غيرَه - أنها مصدريةٌ ظرفية قال: أي مدةَ تَذَكُّرِ. وهذا غَلَطٌ؛ لأنَّ الضميرَ في «فيه» يمنعُ مِنْ ذلك لعَوْدِهِ على «ما» ، ولم يَقُلْ باسميَّةِ «ما» المصدريةِ إلاَّ الأخفشُ وابنُ السَّراج. الثاني: أنها نكرةٌ موصوفةٌ أي تعمُّراً يتذكر فيه، أو زماناً يتذكَّر فيه. وقرأ الأعمشُ «ما يَذَّكَّرُ» بالإِدغام «مَنِ اذَّكَّر» . قال الشيخُ:«بالإِدغام واجتلابِ همزةِ الوصلِ ملفوظاً بها في الدَّرْج» . وهذا