وهو أنه كان يمكن أن يُجابَ عنه بأَنَّ الضميرَ المتصل ب» مُوَلّ «ليس بضميرِ المفعولِ بل ضميرُ المصدرِ وهو التوليةُ، ويكون المفعولُ الأولُ محذوفاً، والتقدير: اللهُ» مُولِّي التوليةِ كلَّ وجهةٍ أصحابَها، فلما قُدِّمَ المفعولُ على العاملِ قَوِي باللامِ لولا أنهم نَصُّوا على المنعِ مِنْ زيادتِها في المتعدِّي لاثنينِ وثلاثة.
قوله:{فاستبقوا الخيرات}«الخيرات» منصوبةٌ على اسقاطِ حرفِ الجرِّ، التقديرُ: إلى الخيرات، كقول الراعي:
أي: إلى سواكم، وذلك لأنّ «استبق» : إمّا بمعنى سَبَق المجردِ أو بمعنى تسابق، لا جائز أن يكونَ بمعنى سَبَقَ لأنَّ المعنى ليس على اسبقوا الخيراتِ، فبقي أن يكون بمعنى تسابقَ ولا يتعدَّى بنفسِه.
والخَيْرَات جمع: خَيْرة وفيهما احتمالان: أحدُهما: أن تكونَ مخففةً من «خَيِّرَة» بالتشديدِ بوزنِ فَيْعِلَة نحو: مَيْت في مَيّت. والثاني: أن تكونَ غيرَ مخففةٍ، بل تَثْبُتُ على فَعْلَة بوزن جَفْنَة، يقال: رجلٌ خَيْرٌ وامرأةٌ خيرٌ، وعلى كِلا التقديرين فليسا للتفضيل. والسَّبْقُ: الوصولُ إلى الشيءِ أولاً، وأصلُه التقدُّمُ في السير، ثم تُجُوِّزَ به في كلِّ تقدُّم.
قوله:{أَيْنَ مَا تَكُونُواْ}«أين» اسمُ شرطٍ تَجْزِمُ فعلين كإنْ و «ما» مزيدةٌ عليها على سبيلِ الجواز، وهي ظرفُ مكانٍ، وهي هنا في محلِّ نصبٍ خبراً لكانَ، وتقديمُها واجبٌ لتضمُّنها معنى ماله صدرُ الكلامِ، و «تكونوا» مجزومٌ بها على الشرطِ، وهو الناصبُ لها، و «يأتِ» جوابُها، وتكونُ أيضاً استفهاماً فلا تعملُ شيئاً، وهي مبنيةٌ على الفتحِ لتضمُّن معنى حرفِ الشرطِ أو الاستفهام.