للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بإرسالِ الرسلِ فاذكروني بالطاعة أذكركم بالثواب، فيكونُ على تقديرِ مصدرٍ محذوفٍ، وعلى تقديرِ مضافٍ أي: اذكروني ذكراً مثل ذِكْرِنا لكم بالإِرسال، ثم صار: مثلَ ذكرِ إرسالِنا، ثم حُذِفَ المضافُ وأقيم المضافُ إليه مُقامَه، وهذا كما تقول: كما أتاك فلان فإنه يكرمك، والفاءُ غيرُ مانعةٍ من ذلك» قال أبو البقاء: «كما لم تَمْنَعْ في باب الشرط» يعني أنَّ ما بعدَ فاءِ الجزاءِ يَعْمَلُ فيما قبلها. [وقد رَدَّ مكي هذا بأنَّ الأمرَ إذا كان له جوابٌ لم يتعلَّق بهِ ما قبله] لاشتغالِه بجوابِه و «اذكروني» قد أُجيب بقولِه: «أذكرْكم» فلا يتعلَّقُ به ما قبلَه، قال «ولا يجوزُ ذلك إلا على التشبيه بالشرطِ الذي يُجاب بجوابين نحو: إذا أتاك فلانٌ فأكرمه تَرْضَهْ، فيكونُ» كما «و» فأذكركم «جوابين للأمرِ، والأول أفصحُ وأشهرُ، وتقول:» كما أحسنت إليك فأكرمني «فيَصِحُّ أن تجعلَ الكافَ متعلقةً بأكرمني إذ لا جواب له» .

وهذا الذي منعه مكي قال الشيخ: «لا نعلم خلافاً في جوازِه» وأمَّا قولُه: «إلا أن يُشَبَّه بالشرطِ» وجعلُه «كما» جواباً للأمر فليس بتشبِيهٍ صحيحٍ ولا يُتَعَقَّلُ، وللاحتجاجِ عليه موضعٌ غيرُ هذا الكتاب. قال الشيخ: وإنما يَخْدِشُ هذا عندي وجودُ الفاء فإنها لا يعمل ما بعدها فيما قبلها وتَبْعُدُ زيادتُها «. انتهى وقد تقدَّم ما نقلته عن أبي البقاء في أنها غيرُ مانعةٍ من ذلك.

الخامس: أنها متعلقةٌ بمحذوفٍ على أنَّها حالٌ من «نعمتي» والتقديرُ: ولأُتِمَّ نعمتي مُشْبِهَةً إرسالنَا فيكم رسولاً، أي: مشبهةً نعمةَ الإِرسالِ، فيكونُ على حَذْفِ مضافٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>