فإنَّ «هَنَّا» مِنْ ظروفِ الأمكنةِ. وفيه شذوذٌ مِنْ ثلاثةِ أوجهٍ، أحدها: عَمَلُها في اسمِ الإِشارةِ وهو معرفةٌ ولا تعملُ إلاَّ في النكراتِ. الثاني: كونُه لا يَتَصَرَّفُ. الثالث: كونُه غيرَ زمانٍ. وقد رَدَّ بعضُهم هذا بأنَّ «هَنَّا» قد خرجَتْ عن المكانية واسْتُعْمِلت في الزمان، كقولِه تعالى:{هُنَالِكَ ابتلي المؤمنون}[الأحزاب: ١١] وقولِ الشاعر:
كما تقدم في سورة الأحزاب؛ إلاَّ أنَّ الشذوذَيْن الآخرَيْن باقيان. وتأوَّل بعضُهم البيتَ أيضاً بتأويلٍ آخرَ: وهو أَنَّ «لاتَ» هنا مهملةٌ لا عملَ لها و «هَنَّا» ظرفٌ خبرٌ مقدمٌ/ و «حَنَّتِ» مبتدأ بتأويلِ حَذْفِ «أنْ» المصدرية تقديرُه: أنْ حَنَّتْ نحو «تَسْمَعُ بالمُعَيْدِيِّ خيرٌ مِنْ أَنْ تَراه» . وفي هذا تكلُّفٌ وبُعْدٌ. إلاَّ أنَّ فيه الاستراحةَ من الشذوذاتِ المذكورات أو الشذوذَيْن.