تقديرُه: أمَّنْ يَعْصي أمَّن هو مطيعٌ فيستويان. وحُذِفَ الخبرُ لدلالةِ قولِه:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الذين يَعْلَمُونَ} . والثاني: أنَّها منقطعةٌ فتتقدَّرُ ب بل والهمزةِ أي: بل أمَّن هو قانِتٌ كغيرِه أو كالكافر المقولِ له: تمتَّعْ بكفرِك. وقال أبو جعفر:» هي بمعنى بل، و «مَنْ» بمعنى الذي تقديرُه: بل الذي هو قانتٌ أفضلُ مِمَّنْ ذُكِرَ قبله «. وانتُقِدَ عليه هذا التقديرُ: من حيث إنَّ مَنْ تَقَدَّم ليس له فضيلةٌ البتةَ حتى يكونَ هذا أفضلَ منه. والذي ينبغي أَنْ يُقَدَّرَ:» بل الذي هو قانِتٌ مِنْ أصحاب الجنة «؛ لدلالة ما لقسيمِه عليه مِنْ قولِه:{إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النار} . و» آناءَ «منصوبٌ على الظرفِ. وقد تقدَّم اشتقاقُه والكلامُ في مفردِه.
قوله:» ساجِداً وقائماً «حالان. وفي صاحبهما وجهان، الظاهر منهما: أنه الضميرُ المستتر في» قانِتٌ «. والثاني: أنه الضميرُ المرفوعُ ب» يَحْذَرُ «قُدِّما على عامِلهما. والعامَّةُ على نصبِهما. وقرأ الضحاك برفعهما على أحد وجهين: إمَّا النعتِ ل» قَانِتٌ «، وإمَّا أنهما خبرٌ بعد خبر.
قوله:» يَحْذَر «يجوز أن يكونَ حالاً من الضمير في» قانتٌ «وأن يكونَ/ حالاً من الضمير في» ساجداً وقائماً «، وأَنْ يكونَ مستأنفاً جواباً لسؤالٍ مقدرٍ كأنه قيل: ما شأنُه يَقْنُتُ آناءَ الليل ويُتْعِبُ نفسَه ويُكُدُّها؟ فقيل: يَحْذَرُ الآخرَة ويَرْجُو رحمةَ ربِّه، أي: عذابَ الآخرةِ. وقُرِئ {إِنَّمَا يَذَّكَّرُ أُوْلُو} بإدغامِ التاءِ في الذَّال.