الوجهين. والأصل: أفتأمرونِّي بأَنْ أعبدَ غيرَ اللَّه، ثم قُدِّم مفعولُ «أعبدُ» على «تَأْمُرونِّي» العاملِ في عامِله. وقد ضَعَّف بعضُهم هذا: بأنه يَلْزَمُ منه تقديمُ معمولِ الصلةِ على الموصول؛ وذلك أنَّ «غيرَ» منصوبٌ ب «أعبدُ» ، و «أعبدُ» صلةٌ ل «أنْ» وهو لا يجوزُ. وهذا الردُّ ليس بشيءٍ؛ لأنَّ الموصولَ لمَّا حُذِفَ لم يُراعَ حُكْمُه فيما ذُكِرَ، بل إنما يراعَى معناه لتصحيح الكلامِ. قال أبو البقاء:«لو حَكَمْنا بذلك لأَفْضَى إلى حَذْفِ الموصولِ وإبقاءِ صلتِه، وذلك لا يجوزُ إلاَّ في ضرورةِ شعرٍ. وهذا الذي ذكره فيه نظرٌ؛ من حيث إنَّ هذا مختصٌّ ب» أنْ «دونَ سائرِ الموصولات، وهو أنها تُحْذَفُ وتَبْقى صلتُها، وهو منقاسٌ عند البصريين في مواضعَ تُحْذَفُ ويَبْقى عملُها، وفي غيرِها إذا حُذِفَتْ لا يبقى عملُها إلاَّ في ضرورةٍ، أو قليلٍ، ويُنْشَدُ بالوجهين:
٣٩٠٤ - ألا أيُّهذا الزاجريْ أحضرُ الوغى ... وأنْ أشهدَ اللذاتِ هل أنتَ مُخْلِدي
ويَدُلُّ على إرادة» أنْ «في الأصل قراءةُ بعضِهم» أعبدَ «بنصب الفعل اعتداداً بأَنْ. الثاني: أنَّ» غيرَ «منصوبٌ ب» تأمرونِّي «و» أعبد «بدلٌ منه بدلُ اشتمالٍ، و» أنْ «مضمرةٌ معه أيضاً. والتقديرُ: أفغيرَ اللَّهِ تأمرونِّي عبادتَه. والمعنى: أفتأمرونِّي بعبادة غيرِ الله. وقدَّره الزمخشري: تُعَبِّدُوني وتقولون لي: اعْبُدْه. والأصل: تَأْمُرونني أن أعبدَ، فَحَذَفَ» أنْ «ورَفَع الفعلَ. ألا ترى