الثالث: أَنْ يكونَ «غافر» و «قابل» نعتَيْن و «شديد» بدلاً، لِما تقدَّم: مِنْ أنَّ الصفةَ المشبهةَ لا تتعرَّفُ بالإِضافة، قاله الزجَّاج. إلاَّ أنَّ الزمخشريَّ قال:«جَعْلُ الزجَّاجِ» شديد العقاب «وحدَه بدلاً من الصفاتِ، فيه نُبُوٌّ ظاهرٌ، والوجهُ أن يُقال: لَمَّا صُودِفَ بين هذه المعارفِ هذه النكرةُ الواحدةُ فقد آذنَتْ بأنَّ كلَّها أبدالٌ غيرُ أوصافٍ. ومثالُ ذلك قصيدةٌ جاءت تفاعيلُها كلُها على مستفعلن فهي محكومٌ عليها أنها من الرَجَز، وإنْ وقع فيها جزءٌ واحدٌ على مَتَفاعلن كانت من الكامِل» . وقد ناقشه الشيخ فقال:«ولا نُبُوَّ في ذلك لأنَّ الجَرْيَ على القواعِدِ التي قد استقرَّتْ وصَحَّتْ هو الأصلُ وقوله:» فقد آذنَتْ بأنَّ كلّها أبدالٌ «تركيبٌ غيرُ عربيٍ؛ لأنه جَعَل» فقد آذنَتْ «جوابَ لَمَّا، وليس من كلامهم» لَمَّا قام زيدٌ فقد قام عمروٌ «. وقولُه: بأنَّ كلَّها أبدْالٌ فيه تكريرٌ للأبدالِ. أمَّا بَدَلُ البَداءِ عند مَنْ أثبتَه فقد تكرَّرَتْ فيه الأبدالُ. وأمَّا بدلُ كلٍ مِنْ كل وبعضٍ مِنْ كل وبدلُ اشتمالٍ فلا نصَّ عن أحد من النحويين أَعْرِفُه في جوازِ التكرارِ فيها أو مَنْعِه. إلاَّ أنَّ في كلامِ بعضِ أصحابِنا ما يَدُلُّ على أنَّ البدلَ لا يُكَرَّرُ، وذلك في قول الشاعر: