وأَحْرى. وأيضاً فإنَّ المشهورَ تعريفُ «كل» حالَ قَطْعها. حُكي في الكثير الفاشي:«مررتُ بكلٍ قائماً وببعض جالساً» ، وعزاه بعضُهم لسيبويه. وتنكيرُ «كل» ونصبها حالاً في غايةِ الشذوذ نحو: «مررت بهم كلاً» أي: جميعاً. فإن قيل: فيه بدلُ الكل من الكل في ضمير الحاضر، وهو لا يجوز. أجيب بوجهين، أحدهما: أن الكوفيين والأخفشَ يَرَوْن ذلك، وأنشدوا قولَه:
٣٩٣٩ - أنا سيفُ العشيرةِ فاعْرِفوني ... حُمَيْداً قد تَذَّرَّيْتُ السَّناما
فحُميداً بدل من ياء «اعرِفوني» ، وقد تأوَّلَه البصريون على نصبه على الاختصاص. والثاني: أن هذا الذي نحن فيه ليس محلَّ الخلافِ لأنه دالٌّ على الإِحاطة والشمول. وقد قالوا: إنه متى كان البدل دالاًّ على ذلك جاز، وأنشدوا:
٣٩٤٠ - فما بَرِحَتْ أقدامنا في مكانِنا ... ثلاثتِنا حتى أُزِيْرُوا المنَائيا
ومثلُه قولُه تعالى:{تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا}[المائدة: ١١٤] ، قالوا «ثلاثتنا» بدلٌ من «ن» في «مكاننا» لدلالتِها على الإِحاطة، وكذلك «لأوَّلنا وآخِرنا» بدلٌ من «ن» في «لنا» ، فلأَنْ يجوزَ ذلك في «كل» التي هي أصلٌ في الشمولِ والإِحاطة بطريق الأَوْلَى. هذا كلامُ الشيخِ في الوجه الثالث وفيه نظرٌ؛ لأنَّ المبردَ