التقدير: لستَ براءٍ ولا متداركٍ. وهذا الذي قالاه سَبَقهما إليه الفراء فإنه قال:» مَنْ جَرَّ السلاسل حَمَله على المعنى، إذ المعنى: أعناقُهم في الأغلال والسلاسل «.
الوجه الثاني: أنه عطفٌ على» الحميم «، فقدَّم على المعطوف عليه، وسيأتي تقريرُ هذا. الثالث: أن الجرَّ على تقدير إضمار الخافِضِ، ويؤيِّدُه قراءةُ أُبيّ» وفي السلاسل «وقرأه غيرُه» وبالسلاسل «وإلى هذا نحا الزجَّاج. إلاَّ أنَّ ابنَ الأنباري رَدَّه وقال:» لو قلتَ: «زيد في الدارِ» لم يَحْسُنْ أَنْ تُضْمَر «في» فتقول: «زيدٌ الدارِ» ثم ذكر تأويلَ الفراء. وخَرَّج القراءةَ عليه ثم قال: كما تقول: «خاصَمَ عبدُ الله زيداً العاقلَيْن» بنصب «العاقلين» ورفعِه؛ لأنَّ أحدَهما إذا خاصمه صاحبه، فقد خاصمه الآخرُ. وهذه المسألةُ ليسَتْ جاريةً على أصول البصريين، ونَصُّوا على مَنْعها، وإنما قال بها من الكوفيين ابنُ سعدان. وقال مكيٌّ:«وقد قُرِئَ والسلاسلِ، بالخفضِ على العطف على» الأَعْناق «وهو غَلَط؛ لأنه يَصير: الأغلال في الأعناق وفي السلاسل، ولا معنى للأغلال في السلاسل» . قلت: وقوله على العطفِ على «الأعناقِ» ممنوعٌ بل خَفْضُه على ما تقدَّم. وقال أيضاً:«وقيل: هو معطوفٌ على» الحميم «وهو أيضاً لا يجوزُ؛ لأنَّ المعطوفَ المخفوضَ لا يتقدَّم على المعطوفِ عليه، لو قلت:» مررتُ وزيدٍ بعمروٍ «لم يَجُزْ، وفي المرفوع يجوزُ نحو:» قام وزيدٌ عمرو «ويَبْعُد في المنصوب، لا يَحْسُنُ:» رأيتُ وزيداً عمراً «ولم يُجِزْه في المخفوض أحدٌ» .
قلت: وظاهرُ كلامِه أنه يجوزُ في المرفوع بعيدٌ، وقد نصُّوا أنه لا يجوزُ