أَبْلَغُ مِنْ» على «لأنَّهم قَصَدوا الإِفراطَ في عَدَمِ القبول بحُصول قلوبِهِم في أكنَّةٍ احتوَتْ عليها احتواءَ الظرفِ على المظروفِ، فلا يمكنُ أَنْ يَصِلَ إليها شيءٌ، كما تقول:» المالُ في الكيس «بخلافِ قولِك:» على المالِ كيسٌ «، فإنَّه لا يَدُلُّ على الحصر وعدمِ الوصولِ دلالةَ الوعاءِ، وأمَّا» وجعلنا «فهو من إخبار اللَّهِ تعالى فلا يَحْتاجُ إلى مبالغةٍ» . وتقدَّمَ تفسيرُ الأَكنَّة والوقر. /
وقرأ طلحة بكسر الواوِ وتقدَّم الفرقُ بينهما.
قوله:«ممَّا تَدْعُوْنا» مِنْ في «ممَّا» وفي «ومِنْ بَيْنِنا» لابتداءِ الغايةِ فالمعنى: أنَّ الحجابَ ابتدأ مِنَّا وابتدأ منك، فالمسافةُ المتوسطةُ لجهتِنا وجهتِك مُسْتوعبةٌ لا فراغَ فيها، فلو لم تَأْت «مِنْ» لكان المعنى: أنَّ حجاباً حاصلٌ وسطَ الجهتين، والمقصودُ المبالغَةُ بالتبايُنِ المُفْرِط، فلذلك جيْءَ ب «مِنْ» قاله الزمخشري. وقال أبو البقاءِ:«هو محمولٌ على المعنى؛ لأنَّ المعنى: في أكنَّةٍ محجوبةٍ عن سماعِ ما تَدْعُونا إليه، ولا يجوزُ أَنْ يكونَ نعتاً ل» أكنَّة «؛ لأنَّ الأكنَّةَ الأغشيةُ، وليسَتِ الأغشيةُ ممَّا يُدْعَوْنَ إليه» .