للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكافرين في إعراضِهم عن الدَّاعي لهم إلى الحقِّ بقصةِ الناعقِ قدَّم ذكرَ الناعقِ لينبني عليه ما يكونُ منه ومن المنعوقِ به» .

والكاف ليست بزائدةً خلافاً لبعضهم؛ لأنَّ الصفةَ ليست عينَ الصفةِ الأخرى فلا بُدَّ من الكافِ، حتى إنه لو جاءَ الكلامُ دونَ الكافِ اعتقادنا وجودَها تقديراً تصحيحاً للمعنى.

وقد تلخَّصَ مِمَّا تقدَّم أنَّ «مثلُ الذين» مبتدأٌ، و «كمثل الذي» خبرُه: إمَّا مِنْ غيرِ اعتقادِ حذفٍ، أو على حَذْفِ مضافٍ من الأولِ، أي: مَثَلُ داعي الذينَ، أو من الثاني: أي: كمثلِ بهائِمِ الذي، أو على حَذْفَيْنِ: حَذَفَ من الأول ما أثبتَ نظيرَه في الثاني، ومِن الثاني ما أثبتَ نظيرَه في الأولِ كما تقدَّم تحريرُ ذلك كله. وهذا نهايةٌ القولِ في هذه الآيةِ الكريمةِ.

والنَّعِيقُ: دعاءُ الراعي وتصويتُهُ بالغنم، قال:

٨١٣ - فانْعَقْ بضَأْنِك يا جريرُ فإنَّما ... مَنَّتْكَ نفسُك في الخَلاءِ ضَلالا

يقال: نَعَقَ بفتح العين ينعقِ بكسرها، والمصدرُ: النَّعيقُ والنُّعاقُ والنَّعْقُ، وأمّا «نَعَقَ الغرابُ» فبالمعجمة، وقيل: بالمهملةِ أيضاً في الغرابِ وهو غريبٌ/.

قوله: {إِلاَّ دُعَآءً} هذا استثناءٌ مفرَّغٌ لأنَّ قبلَهُ «يَسْمَعُ» ولم يأخُذْ مفعولَه. وزعم بعضُهم أنَّ «إلاَّ» زائدةٌ، فليسَ من الاستثناء في شيء. وهذا قولٌ مردودٌ، وإن كان الأصمعيُّ قد قال بزيادةِ «إلاَّ» في قولِهِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>